رئيس التحرير
عصام كامل

لا يجدي!

مجددًا عاد البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدةَ لمواجهة التضخم المتوقع.. ومجددًا نقول إن ذلك لا يجدي نفعًا في كبح جماح التضخم والسيطرة عليه وتخفيضه.. فالتضخم الذي داهمنا ليس ناتجًا عن زيادة في الطلب على السلع، وبالتالي فإن تخفيض الطلب باستخدام آلية رفع سعر الفائدة لامتصاص السيولة المالية وتوجيهها إلى الجهاز المصرفي لن يؤثر في هذا التضخم.. 

 

إنما الذي صنع لنا هذا التضخم الآن هو الانخفاض المنفلت في سعر الجنيه.. وبالتالي فإن الأجدى من رفع سعر الفائدة هو أن يسعى البنك المركزي مع الحكومة للسيطرة على السوق السوداء للعملة والبحث عما يسد الفجوة الدولارية الناجمة عن زيادة إنفاقنا منه عن مواردنا منه.

 
بل إن هذا الإجراء الذى اتخذه البنك المركزي بزيادة أسعار الفائدة سوف يحمل الحكومة وموازنتها مزيدًا من الأعباء باعتبارها المقترض الأول من البنوك، وهو ما سوف يؤدي إلى زيادة عجز الموازنة، وهذا سيدفعها إلى التوسع في التخلص من الدعم لترتفع أكثر أسعار السلع والخدمات المدعومة، ويزيد بالتالي الغلاء.


كما أن زيادة أسعار الفائدة سيترجم إلى زيادة تكلفة الإقراض ثم تكلفة الاستثمار الذي يعتمد على قروض البنوك، وهذا إما أن يجعل المستثمرين يحجمون عن الاستثمار الجديد وهو ما يتسبب في تباطؤ النمو وتراجع معدل النمو الاقتصادي، أو تحميل المستهلكين هذه التكلفة الجديدة للقروض الاستثمارية برفع المستثمرين أسعار منتجاتهم.. وبالتالي النتيجة مزيد من التضخم في نهاية المطاف.

 


إن مشكلتنا واضحة وهي أن مواردنا من النقد الأجنبي لا تكفي تغطية إنفاقنا منه، وهو ما يترجم إلى انخفاض لا يتوقف في قيمة الجنيه تجاه العملات الأجنبية يؤدي إلى التضخم الذي نعاني منه الآن.. والعلاج واضح أيضًا وهو يجمع ما بين زيادة مواردنا من النقد الأجنبي وتخفيض إنفاقنا منه وهذه هي مهمة الحكومة أساسًا، وليست مهمة البنك المركزي حتى لو استخدم كل أدواته. 

الجريدة الرسمية