رئيس التحرير
عصام كامل

أهل الإيمان

الإيمان ما وقر في القلب، أي ما سكن واستقر في القلب وصدقه العمل، أي ما دلل عليه المؤمن بالالتزام والاستقامة على منهج الله تعالى وشريعته الغراء، ولا يتأتى ذلك إلا باتباع الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم والاهتداء بهديه القويم والتمسك بسُنته الرشيدة. 

هذا وينقسم أهل الإيمان إلى قسمين، عامة أهل الإيمان وهم الذين آمنوا بالله تعالى ورسوله ولكنهم قصروا في أعمال العبادات والطاعات وخلطوا ما بين الطاعة والمعصية وما بين الأعمال الصالحة والأعمال غير الصالحة، ومن رحمة الله تعالى بهم أنه يبتليهم في الدنيا بالمصائب والبلايا حتى يُطهرهم من الذنوب والمعائب حتى يلقُونه عز وجل طاهرين ليس عليهم ذنب.. وعامة أهل الإيمان هم غالبية الأمة وأكثرها فهم ثُلة من الأولين وثُلة من الآخرين. 

Advertisements

 

هذا عن القسم الأول من أهل الإيمان. وأما عن القسم الثاني وهم خاصة أهل الإيمان هم القِلة القليلة فيما بعد القرون الأولى من الإسلام لقوله تعالى: "ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ ۝ وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ". وهم خاصة أهل الإيمان الذين آمنوا بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، واتقوا الله وأقبلوا عليه سبحانه وتعالى إقبال المحبين.

وهم الذين صدقوا الله تعالى في العهد المأخوذ عليهم في عالم الذر. عالم العهد والميثاق وهم المشار إليهم في قوله عز وجل "مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا". وهم أهل الصدق والإخلاص وأهل التنزيه في طاعة الله تعالى وعبادته والإقبال عليه فهم الذين لم يعبدوا الله تعالى تطلعًا وطمعًا وطلبًا للأجر والثواب والجنة في الآخرة.

وقد وصفهم الله جل جلاله في مواطن كثيرة في كتابه الكريم، وأمر سبحانه بالالتزام بهم والصبر على مصاحبتهم، حيث يقول سبحانه "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا". 

هذا وعندما أشار الحق عز وجل إلى أن الرسول الكريم هو موطن الاقتداء والتأسي بقوله تعالى "لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا". أشار سبحانه وتعالى إليهم أولا بقوله "لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ". ثم جاءت الإشارة إلى عامة أهل الإيمان طلاب الأجر والثواب والجنة في الآخرة. جاءت في قوله تعالى بعدما قال "لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ". قال "وَالْيَوْمَ الْآخِرَ". 

وخاصة أهل الإيمان هم عباد الله تعالى السابقون المقربون منه عز وجل. يقول تعالى "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ". وهم أهل روح وريحان وجنة نعيم. يقول سبحانه "فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ". وهم أهل ولاية الله تعالى ومحبته الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وأصحاب البشارات من ربهم ومولاهم عز وجل. 

يقول تبارك في علاه "أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ".

 

هذا ولقد أشار إليهم الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أحاديث كثيرة منها قوله "ألا أخبركم بخياركم؟ قالوا: بلى. قال "الذين إذا رؤوا ذكر الله". ومنها قوله "إن لله عز وجل ضنائن من عباده يغذيهم في رحمته. ويحييهم في عافيته. إذا توفاهم إلى جنته. أولئك الذين تمر عليهم الفتن كقطع الليل المظلم وهم منها في عافية". ومنها قوله "إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله من الله عز وجل". 

فقال رجل من هم وما أعمالهم لعلنا نحبهم. قال “قوم يتحابون بروح الله عز وجل من غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها. والله إن وجوههم لنور. وإنهم لعلى منابر من نور. لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس”. ثم قرأ صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى "أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ".

الجريدة الرسمية