رئيس التحرير
عصام كامل

المواطن والأسعار!

الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء سبق أن بعث برسائل طمأنة للمواطن بأن الحكومة تشعر به عبر إجراءات أكثر انضباطا، وتأكيدها أن هناك سلعًا استراتيجية رئيسية لا يجوز إخفاؤها أو احتكارها، وإلا سيواجه من يفعل ذلك بعقوبات واضحة وفقًا لقانون حماية المستهلك؛ فهذه السلع -وهى بالتحديد السكر والأرز وزيت الخليط "الطعام" والفول واللبن والمكرونة والجبن الأبيض- تمس الحياة اليومية للمواطن.. 

 

والهدف من تلك الإجراءات ليس التدخل في التسعير بل ضبط الأسعار عبر لجنة تتابع آليات ضبط الأسواق والأسعار؛ بغية وضع آلية واضحة بالتوافق مع القطاع الخاص والمنتجين والمصنعين لضبط الأسعار  لمدة 6 أشهر؛ فاقتصاد السوق الحر لا يعنى –كما قال الدكتور مدبولى- السماح بانفلات الأسعار..

 

لكن ماذا عن ارتفاع أسعار الخدمات (النقل والاتصالات).. وهو ما يعيدنا لتساؤل ألقيته في هذا المكان قبل شهر واحد مفاده: هل ارتفاع الأسعار في مصر يعد عادلًا قياسًا بمعدلات عالمية سجلت في أوقات سابقة تراجعات لاسيما في السلع الغذائية خلافًا لما يحدث عندنا..

 

فما أسباب ذلك الغلاء غير المبرر.. هل يرجع إلى تقاعس الحكومة عن حسم هذا الملف فلم تظهر العين الحمراء للتجار الجشعين والمحتكرين.. أم أن السبب هو قفزات الدولار أمام الجنيه واعتماد مصر على الخارج في إشباع احتياجاتها من الغذاء بنسبة تتجاوز 60%.. أم أن المحتكرين لا يرتدعون ويمارسون أسوأ الجرائم التي تهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي.. أم لكل هذه العوامل مجتمعة؟!


وإذا كان الغلاء هو محصلة كل ذلك.. فهل يكفى اعتبار 7 سلع استراتيجية لوقف زحف الغلاء الذي يعرف طريقه للصعود فقط ولا يعرف طريقًا للتراجع؟!

مواجهة الغلاء وضبط الأسواق 


وسبق للحكومة أن هددت  بفرض تسعير جبرية لمواجعة غلاء السكر لردع الجشعين الذين لا يكفون عن إخفاء السلع وتعطيش السوق وممارسة الاحتكار.. فماذا حدث؟! هل تراجعت أسعار السكر الذي ننتج منه كميات كبيرة محليًا.. أم استقر سعره عند 27 جنيهًا للكيلو؟!


تحريك الأسعار لا توقف يضعف القوة الشرائية للجنيه ويرهق الفقراء ومحدودي الدخل.. في ظل محدودية قدرة وزارة التموين على ضبط الأسواق لسبب بسيط أنها لا تملك عددًا كافيًا من مفتشى التموين لمراقبة الأسواق وتفعيل الرقابة الحاسمة؟!


رأيي أن الحكومة مطالبة بالتحرك العاجل في اتجاهات عديدة متوازية، فعليها أن تعمل على تأمين سلة الغذاء الخاص بها من خلال زيادة حجم الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الإستراتيجية، خاصة إذا علمنا أنها تستورد نحو 60% من احتياجاتها الغذائية وهذا يشكل ضغطا على موازنة الدولة ويجعلها عرضة لتقلبات الأسواق العالمية وتقلبات سعر صرف العملة المحلية.. 

 

وحتى يتحقق هذا الهدف الأسمى فعليها أن تضع حلولًا ناجحة لارتفاع أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه المصري، إضافة إلى كبح ظاهرة الاحتكار من قبل بعض الشركات والكيانات بتشديد العقوبات حتى لو وصلت للإعدام.. فليس بعد المتاجرة بقوت الناس جريمة.


صعود الأسعار أكثر ما يؤرق الناس في مصر؛ وهى ارتفاعات ليست عادلة قياسًا بنظيرتها العالمية، فهل تملك وزارة التموين وجهاز حماية المستهلك آلية لتشديد في ظل وجود أكثر من 4.5 مليون تاجر تجزئة يعملون في السوق المصرية.


لا ينكر أحد أن الحكومة لا تكف عن طرح سلع بأسعار مخفضة في منافذها بطول البلاد وعرضها.. لكن هل يكف هذا الإجراء لكبح جماح الجشعين والمحتكرين من كبار التجار والمستوردين.. وهل هناك آلية أكثر شدة في منع الفاسدين من الموظفين الذين يسكتون أو يتقاعسون أو يشاركون في المتاجرة بقوت الغلابة.. متى نجد ضوابط حاسمة توقف نزيف الأسعار وتحمى المواطن من الجشع والاحتكار.. متى يلتقط المواطن أنفاسه من الغلاء سواء في السلع أو الخدمات؟!

الجريدة الرسمية
عاجل