التغييرات المرتقبة.. وأشياء أخرى!
أتوقع أن يحدث تغيير في الحكومة خلال الفترة المقبلة كتقليد متبع مع كل انتخابات رئاسية جديدة، وكنت أرجو أن يسبق تلك التغييرات المرتقبة تغيير مماثل لقيادات الصحف القومية؛ إدارة وتحريرًا، بحسبان الصحافة والإعلام رأس الحربة في كل معركة تخوضها الدولة للبناء والبقاء..
وهو تغيير تأجل أكثر من مرة لأسباب لا أعلمها؛ وإن كنت أتفهم بواعثها وأسبابها؛ فالهيئة الوطنية للصحافة بقيادة المهندس عبدالصادق الشوربجي تبذل جهودًا كبيرة للتطوير وتصفير المشكلات في تلك المؤسسات.. لكن المشوار لا يزال طويلًا..
ومن ثم أتمنى أن يجري التدقيق الشديد في اختيار القيادات الجديدة لتلك المؤسسات؛ نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة التي تحيط بصناعة الإعلام عامة والصحافة القومية على وجه الخصوص.
فثمة تغييرات سابقة تحولت بمقتضاها الصحف المسائية القومية المطبوعة إلى إلكترونية أو "بى دى إف" (P.DF)، وهي بالتحديد جريدة المساء التي تصدر عن دار التحرير، والأهرام المسائي، والمسائية الصادرة عن دار أخبار اليوم.. وهنا يثور سؤال مهم: هل ستستمر تلك الصحف كما هي "بي دي إف" أم تتحول لمواقع إلكترونية مستقلة بدماء جديدة وأفكار أكثر قدرة على مسايرة العصر والحفاظ على الاسم التاريخي لكل صحيفة من تلك الصحف العريقة؟!
صوت الناس وضمير الأمة
وإذا كان وقف طباعة مثل هذه الإصدارات سالفة الذكر يرجع لأسباب اقتصادية لتوفير نفقات الطباعة والتشغيل فماذا عن المجلات التي لا تزال تصدر مطبوعة على ورق أكثر تكلفة بأرقام توزيع لا يتجاوز بعضها عشرات النسخ، وهو ما يكبد تلك المؤسسات خسائر محققة بدرجات متفاوتة، الأمر الذي تتحمل خزانة الدولة جانبًا منه في إطار سياسة الدعم الذي توفره الحكومة لتلك المؤسسات؛ حفاظًا على استمرارها في اداء رسالتها ودورها في صيانة الرأي العام.
نرجو أن يتم اختيار قيادات صحفية قادرة على إحداث طفرة حقيقية في المحتوى الصحفي، وقيادات إدارية قادرة على توفير الموارد وحسن إدارة الأصول وتنميتها للحفاظ على العمالة الموجودة بتلك المؤسسات من ناحية، والحفاظ على تاريخ تلك الصحف ودورها الحضاري والتنويري الذي لا يهدف للربح بقدر ما يهدف لبناء وعى سليم للمواطن.
نريد قيادات صحفية قادرة على خلق فرص حقيقية للأجيال الجديدة، ومواكبة روح العصر بفنون صحفية تجذب فئات وشرائح جديدة بلغة يحبونها ويقبلون عليها، قيادات قادرة على الإدارة بأفق متسع وعقل رحب وإلمام كبير بمتغيرات العصر وتحدياته، تعرف كيف تساند الدولة وتعمل في الوقت نفسه من أجل المواطن وترضى طموحه ورغباته في المعرفة، بلا تعارض ولا صدام.. فالصحافة القوية صمام أمان للمجتمع وحارس أمين لمقدراته ومستقبله.
الصحافة والإعلام صوت الناس وضمير الأمة وعين الشعب على الحكومة والبرلمان، ولا يتعلل أحد بأن الصحافة المطبوعة فات زمانها، فثمة صحف مطبوعة لا تزال توزع ملايين النسخ في دول عديدة أذكر الهند من بينها.. المهم المحتوى.. فليس منطقيًا أن تصر صحفنا المطبوعة على نشر أخبار سبقت إليها المواقع الإلكترونية بساعات طوال..
هنا لابد من البحث عن شيء مغير يجذب الجمهور، بالتعمق في التحليلات والتقارير والتحقيقات وصحافة المواطن مع الاقتصار على الأخبار الحصرية التي تعد انفرادًا صحفيًا.. وإلا ستستمر تدور في دائرة مفرغة لا يصح معها أن نسأل: لماذا توزع جميع صحفنا المطبوعة قومية وخاصة أرقام هى أقل مما كانت الجمهورية توزعها وحدها في عصرها الذهبي!