أمريكا ومستقبل غزة!
الأمريكان مثل الإسرائيليين لا يريدون غزة كما كانت قبل السابع من أكتوبر.. يريدونها بلا حكم حماس.. وثمة بعض الخيارات التى تداولوها مؤخرا في الغرف المغلقة والمباحثات السرية.. الأول هو تولى طرف عربى مثل مصر إدارة قطاع غزة كما كان الحال قبل يونيو 1967، وهو الأمر المرفوض مصريا لأنه هو نوع من تصفية القضية الفلسطينية وتعطيل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة..
والخيار الثانى هو أن تكون هناك إدارة غربية للقطاع بدعم من قوات لحلف الناتو عسكريا، وهو أمر غير مرحب به مصريا أيضا لأنه يأتى بقوات الناتو بالقرب من حدودنا، ولعلنا نتذكر أن احتمال اقتراب قوات الناتو من الحدود الروسية كان سببا للحرب الأوكرانية.. أما الخيار الثالث فهو يتمثل في الإدارة الدولية للقطاع تكون مدعومة بقوات عسكرية دولية تحت إشراف المنظمة الدولية.
واللافت أن كل هذه الخيارات تقتضى أولا تصفية حماس أو على الأقل إضعافها إلى الدرجة التى تجعلها عاجزة عن حكم قطاع غزة مستقبلا، وهو الهدف المعلن من قبل الحكومة الإسرائيلية للحرب التي تشنها بضراوة وقسوة ضد القطاع الآن..
غير أن سير المعارك على الأرض مع بدء الاجتياح البري المتدرج أو المتدحرج تضفي شكوكا حول تحقيق هذا الهدف، فهو يتم ببطء شديد ويلحق بالإسرائيليين خسائر موجعة كما قال نتانياهو، وهذا معناه أن إسرائيل ستحتاج لوقت طويل لا تقدر على تحمله وتكلفته باهظة جدا لا تستطيع تحملها لكي تحقق هدف الحرب المعلن وهو التخلص من حماس وإزاحتها من حكم غزة..
وبالتالى فهو هدف صعب عليها تحقيقه.. نعم ستخرج حماس من هذه الحرب بجراح شديدة، ولكنها لن يصعب عليها استعادة سيطرتها على القطاع مرة أخرى وستجد من يدعمها ويساعدها داخل خارج القطاع..
وبالتالى فإن كل الخيارات التى يتم تداولها أمريكيا وأوروبيا حول مستقبل غزة لا مجال لمناقشتها الآن، ولا داعي إذن لتباطؤ تنفيذ دعوة وقف القتال أو ما يسمى بالهدنة الإنسانية التى بدأ الحديث الأمريكى عنها بعد شهر من القتل لأهالى غزة والتدمير لمبانيهم ومنشأتهم وحرمانهم من مقومات الحياة الضرورية.