رئيس التحرير
عصام كامل

رسائل من الله

عندما خلق الله تعالى الإنسان كرمه بنعمة العقل والعلم والبيان وجعل له منهج قويم لكي تستقيم حركته في الحياة وحتى يؤدي دوره في الاستخلاف في الأرض، كما أوجبه الله تعالى والمتمثل في عمارة الأرض وعدم الإفساد فيها وإثراء الحياة عليها، وإقامة العدل وتجنب الظلم والجور ونشر الرحمة الإلهية والرحمة والتراحم بين الخلق.. 

 

وأرسل سبحانه وتعالى أنبياء ورسل كرام عليهم السلام وجعلهم منارات للهدى تنير للبشرية السبيل إلى مرضاة الله عز وجل، والوصول إلى السعادة في الدنيا والفوز والنجاة في الآخرة في دار الخلد. ولتعليم الناس كيف يقيموا خلافة الله تعالى في الأرض وكيف يؤدوا أمانة الاستخلاف. وللأسف أن الكثير من البشر أضاعوا أمانة الاستخلاف بعصيانهم لأوامر الله تعالى ورسله. 

Advertisements

 

ولقد كان من رحمة الله سبحانه بهم أن يرسل إليهم من حين لآخر رسائل في صور ابتلاءات تنبيه وتحذير  لعلهم يرجعون ويسارعون في تصحيح مسارهم ويعودوا إلى حظيرة الإيمان وإلى طاعته عز وجل وإتباع رسوله الكريم صلى الله على حضرته وعلى آله وسلم. 

 

هذا ومن الحقائق المؤكدة أنه لا يقع في ملك الله تعالى إلا ما أراده الله، وأن الكون بكل ما فيه في قبضته عز وجل، وأنه لا حركة لمتحرك ولا سكنة لساكن إلا بعلمه وبقدره وتقديره سبحانه وتعالى، وهو الفعال لما يريد. ولا شك أن الله تعالى من آن إلى آخر يرسل هذه الرسائل للبشر كما ذكرنا في صور ابتلاءات منها ما يعاني منه كثير من البشر من الأمراض المستعصية  التي لم تكن في الأسلاف.. 

 

ومنها الغلاء الفاحش والفقر والجوع  وشدة المؤنة وعدم وجود البركة وجور الحكام وسوء الأحوال الجوية وشح المطر. والزلازل والبراكين والرياح والبرق. ومنها القلق والخوف من الغد وعدم الإحساس بالأمن والأمان. والشعور بالهم والحزن. وتسليط الأعداء وغياب الرحمة بين الناس وسوء المعاملات والصراعات بين البشر وغير ذلك من الابتلاءات حتى يخرجهم من غفلتهم ويوقظهم من رقدتهم في أحضان أهواء أنفسهم وشهواتهم  تلك الرقدة التي طالت..

عبرة وعظة

 

ياسادة كم من رسائل يرسلها الله تعالى لنا رحمة بنا لعلنا ننتبه لسوء أحوالنا ونسرع إلى مراجعة أنفسنا وإصلاح أحوالنا.. يا سادة أفيقوا من غفلتكم التي طالت وراجعوا أنفسكم وحاسبوها من قبل أن تحاسبوا، وأصلحوا ما أفسدتم ولا تنسوا أنكم ضعاف لا حول لكم ولا قوة، ولا قدرة لكم على غضب الله عز وجل وإبتلائه  وعودوا إلى رشدكم وتوبوا إلى الله تعالى واستغفروه وأنيبوا إليه من قبل أن تنتهي الآجال وتدرجوا في الأكفان وتسكنوا القبور ومن قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه ندم النادمين.


إن ما يحدث في الأرض ولأهلها هي رسائل من الله تعالى يجب الانتباه إليها جيدا. وقراءتها قراءة صحيحة. خاصة بعدما ظهر الفساد وعم وتفشى في البر والبحر، وانغمس الكثيرون من البشر في الملذات والأهواء والشهوات، وانعدمت لديهم القيم الإنسانية النبيلة والأخلاق والحياء من الله عز وجل.


وفي نظرة سريعة على أحوال معظم وغالبية البشر نرى أن تم المساجد خاوية والحانات ودور اللهو والمجون والدعارة في شتى بقاع الأرض عامرة، ولقد ذهبت النخوة والرجولة والشهامة عند كثير من الرجال. وتعرى الكثيرين من النساء. وخلعت أثواب الحياء. وتفشى الزنا، وشربت الخمور وظهر الشذوذ..

وإنقاد الكثير من البشر خلف الأهواء والشهوات بعدما ألقوا كتاب الله من وراء ظهورهم، وتركوا هدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ونسوا الموت والقبر والحساب، وأخسروا الميزان، واستغل الإنسان أخاه الإنسان.


وأصبح الفاجر الذي يملك المال أو السلطة سيدا يعظم له ويحترم، والرجل الصالح غريبا لا وزن له ولا قيمة ولا احترام. وأصبح التدين شكلا ورسما.. يتوضأ المصلى فينظف بدنه وقلبه مريض بحب الدنيا، ونفسه ممتلئة بالحقد والغيرة والغل والحسد، ويقف بين يدي الله يصلي.. أي صلاة هذه.. ويصوم الصائم وهو يغتاب وينم ويأكل من الحرام.. أي صوم هذا..


وأصبح جمع المال بلا تحرى هل من حلال أم من حرام. وتؤدي مناسك الحج بأثواب من حرام ونفقة من حرام. أي حج هذا.. هذا والأدهى والأمر أن الدماء البريئة تسفك وتباح باسم الدين، والدين من الدماء المسفوكة بغير حق براء.. وتجد علماء اشتروا دنياهم بدينهم يتشدقون بكلام طيب ونفوسهم مريضة، يأمرون الناس بالمعروف وينهون عن المنكر في الوقت الذي لم يأتمروا ولم ينتهوا.


هذا وقد نزعت الرحمة من قلب الكثير من الناس فتجد معظم التجار أهل جشع واستغلال، وتجد معظم المسئولين والموظفين فاسدين مرتشين لا خوف من الله تعالى ولا ضمير. وترى الأرحام التي أمر الله عز وجل أن توصل مقطعة وساد بين أصحابها الكرة والحقد والحسد والعداء، وترى عقوق الوالدين في معظم البيوت بدلا من الإحسان إليهما..


وتجد معظم شبابنا قد أصيب بالتقليد الأعمى لأصحاب صيحات الغرب الضالة المضلة.. هذا وللأسف الشديد نجد الفساد قد استشرى في كل مناحي ووجوه الحياة.. فاعتقد أنه من أجل ذلك تأتينا رسائل من الله تعالى رحمة بنا لعلنا نرجع ونتوب إليه ونستغفره ونصحح أحوالنا قبل فوات الأوان..

 


ويجب أن ندرك أن ما يحدث في الجو الآن من شدة الحرارة لا يوازي مثقال ذرة مما سوف يحدث عند قيام الساعة، وما سيقع فيها من الأهوال العظام.. يا رب نعتبر ونتعظ ونكون قد وصلتنا رسائلك سبحانك.. اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا..

الجريدة الرسمية