افعلوها ولن تندموا!
خير الناس أنفعهم للناس؛ قيمة الإنسان في الحياة تتحدد بمقدار ما يتقنه، ما يعمله، ما يقدمه لبلده وأهله من نفع؛ يقول رسولنا الكريم: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله".. ما جدوى العلم إذا لم يخفف متاعب البشر، ما جدوى الصداقة إذا لم يكن الصاحب عونا لصاحبه، يواسيه في الشدة، يزوره في المرض، يفرج عنه كربة من كربات الدنيا.
لا تحقرنّ من المعروف شيئًا، لا تستحي من إعطاء القليل فالحرمان أقل.. الله سبحانه وتعالى أدخل رجلًا الجنة في كلب سقاه، بينما دخلت امرأة النار في هِرّة حبستها، فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض..
قضاء حوائج الناس
ومن علامات توفيق الله للعبد: أن يجعلهُ الله ملجأ للناس.. يُفرّج هما، يُنفّس كربا، يقضِي دينا، يُعين ملهوفا، ينصر مظلومًا.. ينصحُ حائرًا، يُنقذ متعثرا، يرشد عاصِيا.. فالدين النصيحة.
يقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ"
ومثل هذا المرء لا يُخزيه الله أبدًا، فمن أحسن إلى عباد الله كان الله إليه بكل خير أسرع، بل وسيرى من ألطافِ الله ما لا يخطر له على بال.. فإن صنائع المعروف تقي مصارع السوء.
ويقول صلى الله عليه وسلم (أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد (مسجد المدينة) شهرًا"..
قضاء حوائج الناس يهزم نوازع الأنانية في النفس البشرية، ويحيلها إلى إيثار جميل يخلق مجتمع الحب والترابط والتماسك والأمل والقوة، الحب سفينة الأمان التي تفتح الباب لرحمات الله التي نحن أحوج ما نكون لها في زمن الأوبئة والغلاء والحروب وغضب الطبيعة والتغير المناخي المدمر..
ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط.. تفقدوا جيرانكم.. أقرباءكم، مدوا لهم يد العون.. لذة العطاء أكبر بكثير من لذة التملك والاستحواذ..افعلوها ولن تندموا.
ختام الكلام:
إذا أردت أن تهدم حضارة؛ احتقر مُعلِّمًا، وأذلّ طبيبًا، وهمّش عالمًا، وأعطي قيمة للتافهين. (مالك بن نبي)