الوجه الآخر للأزمة الاقتصادية
الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد وفي القلب منها أزمة اضطراب سوق النقد وتفاقم الخسائر في القيمة الشرائية للجنيه وجه أو وجوه أخرى متعددة.. ومنها أن أبرز الفئات الخاسرة في معركة الجنيه أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى هم أصحاب الدخول الثابتة من المرتبات وما في حكمها.
ثم أصحاب المدخرات سواء لدى البنوك أو تحت البلاطة بعد أن تراجعت القيمة الشرائية لما بين يديهم من أموال خلال أقل من عامين بنسبة تزيد على 50%، خاصة إذا كانت عوائد دخلهم تقتصر على تلك المصادر ولا يمتلكون مصادر دخل من أصول وآلات.
بينما كانت أبرز الفئات الرابحة هم العاملين بالخارج والمصدرين وكذلك أصحاب الممتلكات من عقارات وآلات ومقدمى الخدمات أو على الأقل كان تأثرهم بالجائحة أقل، وتفاعلهم مع آليات العرض والطلب وانخفاض قيمة الجنيه أكثر مرونة من الشرائح الأخرى، وإن تأثروا بالتأكيد من تراجع معدلات الرواج والقدرات الشرائية للقوى الرئيسية بالسوق.
الخروج من الأزمة الاقتصادية
وفى ضوء هذه المعطيات لابد أن تراعى استراتيجية المواجهة الحكومية للأزمة هذا المحور الهام فيما تقدمه من علاجات للأزمة، حتى لا تكون الآثار السلبية ل الأزمة الاقتصادية طويلة الأمد.
ومن ذلك لابد من مراجعة ضرورية لهيكل الأجور والمرتبات والمعاشات ولو على مراحل في توقيتات مناسبة، لدعم القوة الشرائية بالسوق والحفاظ على معدل مقبول لرضاء العاملين سواء بالقطاع الحكومى أو الخاص، حتي لا يتفاقم التراجع في معدلات الأداء بمختلف مجالات العمل، وينعكس بالضرورة على معدل الأداء الاقتصادى والجماهيرى ونفقد عامل أساسى للخروج من الأزمة الاقتصادية، وتتفاقم المشكلات فى القطاعات الخدمية والاقتصادية.
ومن المشكلات أيضا تأثيرات ضخمة لاستمرار الاضطراب في سوق النقد المحلى على القطاع الاستثمارى بكافة مستوياته الكبرى والصغرى، وإحجام الكثير من المستثمرين عن ضخ أموال جديدة سواء لتوسعات فى مشروعاتهم القائمة أو لإقامة مشروعات جديدة.
مع توابع أخرى من أهمها ارتفاع تكلفة الإنتاج والقوى العاملة وغيرها من عناصر سلبية أخرى على القطاع الانتاجى يقتضي تدخل عاجل بدراسة شاملة والتعامل بجدية من أصحاب القرار مع المشكلات المالية المستجدة.
ويبقى أن نحذر من استمرار التعامل مع الأزمة الاقتصادية على المستوى الرأسى وكأنها أزمة دولار وسوق نقد، ولابد أن يكون التعامل على أساس أفقي شامل لآن الأزمة شاملة وتطال كل القطاعات وتحتاج إلى رؤية شاملة وعمل كبير تتشارك فيه كل القوى الفاعلة في الدولة من مؤسسات وتنظيمات وهيئات وغيرها.. الخلاصة أن الحل يبدأ من الداخل، ثم المعاونة الخارجية.