رطبوا ألسنتكم بالكلمة طيبة وتخلوا عن الكلمة الخبيثة!
ودعنا شهر الصيام.. وفي الحلق غصة من تردي سلوكيات أكثر أبناء أمتنا وهي سلوكيات تجافي روح الإسلام أو تجافي تعاليم ديننا وروح رمضان وما أراده الله لنا فيه من ترشيد وتهذيب وتربية للنفس وتغييرها للأفضل.. هل نرطب ألسنتنا بكلمة طيبة ونتخلى عن الكلمة الخبيثة فبين الكلمتين ما بين السماء والأرض.. الكلمة الطيبة تزيل الجفاء وتذهب البغضاء والشحناء وتدخل إلى النفوس السرور والمحبة والهناء..
الكلمة الطيبة هداية من الله وفضل كبير على عباده: "وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَىٰ صِرَاطِ الْحَمِيدِ (الحج: 24).. وتلك رسالة المرسلين وسمة المؤمنين دعا إليها رب العالمين فقال:" وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا (الإسراء:53).
القرآن الكريم يبين لنا الأثر الطيب للكلمة الطيبة وخطورة الكلمة الخبيثة وجسيم ضررها وضرورة اجتثاثها يقول جل وعلا: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ( إبراهيم:24).. ويقول أيضًا: "وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ (إبراهيم: 26).
أثر الكلمة الطيبة
الكلمة الطيبة هي كلمة حق ثابتة الجذور لا تزعزعها أعاصير الباطل ولا تحطمها معاول الهدم والطغيان، تقارع الكلمة الطيبة كلمة الباطل؛ فهي حية نابضة لا تموت ولا تذوي.. وهي صدقة كما يقول نبينا الكريم: "اتَّقوا النَّار ولو بشِقِّ تمرةٍ فإنْ لم تجِدوا فبكلمةٍ طيِّبةٍ" وقال أيضًا: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت".
بالكلمة الطيبة تتحقق المغفرة لقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ بَذْلَ السَّلَامِ، وَحُسْنَ الْكَلَامِ" بل إن الكلمة الطيبة سبب في دخول الجنة يقول صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى بالليل والناس نيام".
الكلمة الطيبة معيار سعادة الإنسان أو شقائه؛ فبكلمة ينال الله رضوان العبد رضوان الله فيرفعه بها إلى أعلى الدرجات، وبكلمة يسخط الله عليه فيهوي بها إلى أسفل الدرجات: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم"..
وكم من كلمة طيبة كتب الله بها الرضوان والعفو.. والأمر سعة لا تضييق فيه ما دامت النية خالصة لله؛ فإن ترفع عن مسلم أذى أو تنصر مظلومًا، أو تفرج عنه كربة، أو تعلم جاهلًا أو تذكّر غافلًا أو تهدي ضالًا أو تغيث ملهوفًا أو ترأب صدعًا أو تطفيء فتنة، أو تجير مستجيرًا بك ابتغاء وجه الله.. كل ذلك من أبواب الخير التي تقربك من رضوانه وعفوه.. وكم من مشاكل حُلت وكم صلات قويت وكم من عداوات زالت بكلمة طيبة صادقة أريد بها وجه الحق سبحانه.
وكم من كلمة خبيثة هدمت مجتمعات وشردت أبرياء وفرقت بين القلوب وأشعلت نار الشقاق وجلبت الفتن وزرعت الأحقاد والضغائن في النفوس وخربت كثيرًا من البيوت التي كانت ناعمة بالاستقرار ودفء المودة.. والحق أقول إن من ألجم لسانه بلجام الإيمان وعطّره بطيب الأقوال قاده ذلك إلى الرحمة والرضوان وأعالي الجنان.. وفي المقابل من لوّث لسانه بقبيح الكلام من زور وبهتان وفُحش وكذب هوى في النار في أسفل الدركات.