رحلة عذاب.. وأولويات تتغير!
لا جدال أن تعليمنا رحلة عذاب تلهب ظهر كل أسرة مصرية حتى يصل أبناؤها إلى الثانوية العامة ويحصلوا على مجاميع باتت غاية فى ذاتها، حتى يتسنى لهم اللحاق بكليات قمة لا تتسع لغير فئة قليلة يذوق ما عداهم من ذوي المجاميع المتوسطة والدنيا مرارة الصدمة حين يجدون أنفسهم في مهب ريح التنسيق، حتى من حصلوا على مجموع أعلى من 95% لا يجدون مكانًا في تلك الكليات التي طالما سهروا الليالي وحلموا بدخولها وعاشت أسرهم تمنى نفسها بها، لكنهم صحوا على كابوس كبير بدد أملهم وأظلم المستقبل في أعينهم.
وفي سياق كهذا، كان لا بد للدولة أن تتنبه لهذا العوار وتسعى لعلاجه وتصويب مساره، وبالفعل بدأت فى تطبيق نظام الثانوية العامة المعدل، والذي من ثمراته انتهاء ظاهرة ارتفاع المجاميع إلى 100%، وهى بالتأكيد غير واقعية، فجاءت بنظام تقييم ينتج درجات مستحقة لكل طالب.. وكان طبيعيا والمجاميع هكذا أن تنخفض مؤشرات القبول بكليات القمة التي بدأت نظرة الطلاب وأولياء أمورهم تتغير نحوها شيئًا ما، خصوصًا بعد كورونا ومستجدات أخرى غيرت أولويات المجتمعات تبعًا لاحتياجاتها الضرورية..
الدروس الخصوصية لن تفيد
فتقدمت فى سلم الأولويات كليات الحاسبات ونظم المعلومات والرقمنة والأمن المعلوماتي والتمريض والذكاء الاصطناعى، وربما يأتي يوم قريب لتحتل مكان كليات القمة.. والنصيحة الواجبة لأبنائنا أن يختاروا كليات تتناسب مع قدراتهم الفعلية وتحولات سوق العمل لا ما يختاره آباؤهم من كليات وتخصصات تهدف للوجاهة أكثر مما ترجو النفع وصالح الأبناء والمجتمع.
وحسنًا ما فعلته «التربية والتعليم» بحجب نتائج طلاب تسربت لذويهم فى غفلة قبل إعلان النتيجة رسميا، وهو ما يعنى أن ظاهرة مرذولة كانت تسمح بتسريب نتائج آلاف الطلاب من الكنترول فى طريقها للزوال.
ما نراه اليوم من تغيير يعيدنا بما بشرنا به وزير التربية والتعليم قبل عام حين أكد أن الثانوية العامة الراهنة مأساة الأسر المصرية وسلة الفشل سوف تنتهي بلا رجعة، وتحل محلها ثانوية معدلة سوف تنهي الدروس الخصوصية التى لن تفيد طلابنا ولن تساعدهم في حل الامتحانات في صورتها الجديدة.