أتذكر تلك الليلة، التي تجمع فيها النسوة ببيت الست ماري، قبل سنوات، عقب وفاة الحاج صالح الدرملي، صاحب وكالة القماش ببولاق، والذي ترك زوجته وثلاثة بنات يسكن جميعا في العمارة ذاتها التي..
لم يكن كعكا يشبه ذلك الذي آكله منذ كنت طفلا، فطعمه يشبه البسبوسة لكن عجينته أكثر هشاشة وسكره خفيف مما جعلني ألتهم الطبق كله مرة واحدة مع كوبين من الشاي بلبن.. واليوم نزلت إلى شقتها..
رغم أنني هذه المرة حرمت من فنجان القهوة المعتبر، الذي تعد لي بيديها على نار السبرتاية المدهشة، إلا أنني كنت محظوظا بالخروج معها، إذ جعلتني أرى الحياة بعينيها هي، فوجدتها مختلفة تماما..
بعد خروجها من باب العمارة، تمشي الست ماري بخطوات أكثر سرعة، حتى وصلت إلى المخبز القابع على ناصية الشارع ودخلته لنحو دقيقة واحدة، ثم خرجت وهي تحمل في يدها لفافة، بينما ارتسمت على..
في نظري، فإن الشقق مجرد علب سكنية يعيش داخلها مجموعة من الأفراد، لا رابط بينهم سوى قرابة «قدرية» لا دخل لهم فيها، أما البيوت فجميع من فيها يحيون وكأنهم أجزاء من جسد..
من بين الصور، واحدة تظهر فيها ماري وهي طفلة في الثانية من عمرها، وقد استقر بها المقام في رحاب والدها، حيث تجلس إلى حجره، وهو جالس على كرسي مصنوع من الخشب ومزخرف بنقوش..
اليوم حين ذهبت لزيارتها كي أحصل على فنجان القهوة المعتاد، وضعت بين يدي الصندوق، وذهبت إلى المطبخ كي تحضر السبرتاية وعدة القهوة، فدفعني الفضول لفتح الصندوق واستكشاف..
فهمت الست ماري مغزى كلامي وحيرتي في أنها تستمع إلى القرآن، وهي ليست مسلمة، فلم تتركني غارقا في أسئلتي، وأخبرتني أن الأستاذ «جابر» المحاسب على المعاش زوج الست أم محمود جارتنا في..