رئيس التحرير
عصام كامل

فيه هدى وشفاء (18)

 عزيزي القارئ لازال الحديث عن الآفات والأمراض المهلكة للإنسان وكيف عالجها الله تعالى في كتابه الكريم، والرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هديه القويم، وحديثنا في هذا المقال عن اليأس والقنوط ولنعرف أولا الفرق بينهما.. 

 

اليأس أشدّ من القنوط، حيث حكم على أهل اليأس بالكفر فقال تعالى: (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)، وحكم على أهل القنوط بالضلال كما قال تعالى: (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ)، ومعلوم أن الضلال قد يكون كفرا، وقد يكون دون الكفر.. 

 

ويرى بعض أهل العلم أنه لا فرق بينهما، ووصْفُ أهل اليأس بالكفر، وأهل القنوط بالضلال، لا يدل على الفرق، فالضَّلالُ والكفرُ يجتمعان، ويقال: هو ضالٌّ، ويقال: هو كافر؛ فالكفر يسمَّى ضلالًا؛ كما قال الله تعالى: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ).


الفرق بينهما بإعتبار بعض الصفات، لا باعتبار أصل المعنى، وإلا فإن القنوط من الرحمة، واليأس من الرَّوْح: هما بمعنى واحد، لكن يختلفان من حيث ما يتناوله هذا، وما يتناوله هذا؛ فالقنوط من رحمة الله عام؛ لأن الرحمة أعم من الروح، فالرحمة تشمل جلب النعم، ودفع النقم، وروح الله – جل وعلا– يطلق في الغالب في الخلاص من المصائب. 

فقوله: القنوط من رحمة الله في أثر ابن مسعود رضي الله عنه: (أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ) هذا أعم؛ ولهذا قدمه، فيكون ما بعده من عطف الخاص على العام، أو يكون هناك ترادف في أصل المعنى، واختلاف في الصفات، أو بعض ما يتعلق باللفظ.

 
اليأس هو: انقطاع الطمع من الشيء.. والقنوط: أخص منه، فهو أشد اليأس، ويدل عليه قوله تعالى: (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ).


اليأس: أن يستبعد زوال المكروه، والقنوط: أن يستبعد رحمة الله سبحانه وتعالى، ويستبعد حصول المطلوب، ويدل على التفريق أثر ابن مسعود رضي الله عنه السابق ؛ حيث فرّق بين اليأس والقنوط.
 

اليأس هو: انعدام الأمل في القلب، ومتى ما وصل ذلك إلى درجة شديدة بنحو ينعكس على مظهر الإنسان أصبح قنوطًا. وعلى هذا فاليأس صفة للقلب، وهو: أن يقطع رجاءه من الخير وهي المؤثرة، وما يظهر على الصورة من التضاؤل والانكسار، هو القنوط.


والراجح أن وجود الفرق بين اليأس والقنوط حال اجتماعهما في اللفظ، كقوله تعالى: (لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ).. قال ابن جرير في معنى الآية: إن ناله ضر في نفسه من سقم، أو جهد في معيشته، أو إحتباس من رزقه فيئوس قنوط، يقول: فإنه ذو يأس من روح الله وفرجه، قنوط من رحمته، ومن أن يكشف ذلك الشر النازل به عنه.


وكما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا قال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: (الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَالْإِيَاسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ)، وقول ابن مسعود رضي الله عنه السابق: ( أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ).. فدل ذلك على الفرق بينهما حال اجتماعهما في اللفظ، وأما إذا افترقا في اللفظ: فالظاهر أنهما بمعنى واحد.

 


وأما القول بأن اليأس أشد من القنوط، لكون ظاهر القرآن حكم على أهل اليأس بالكفر، فقال تعالى: (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)، بينما حكم على أهل القنوط بالضلال، قال تعالى: (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ): فلا يلزم منه أن يكون اليأس أشد، إذ ربما يكون الحكم بالضلال زائدًا على الحكم بالكفر، فيجتمع فيه وصفان شنيعان، لقبح الفعل وشدته.. 

كما قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ)، وقال تعالى: (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ)؛ فحكم هنا على من دعا غير الله بالكفر، وحكم عليه في موضع آخر بالضلال، 

فقال تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ)، ومما يشعر بأن القنوط أشد من اليأس الفرق اللغوي، حيث جعل القنوط أشد أنواع اليأس..

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية