فيه هدى وشفاء (15)
عزيزي القارئ لازال الحديث عن آفة الطمع، فما من شيء أفسد لدين المرء من الطمع في شهوات الدنيا من مال أو منصب أو جاه، ذلك أن العبد إذا استرسل مع الأمنيات استعبدته ورحم الله القائل: العبد حرٌ ما قنع.. والحر عبدٌ ما طمع، ومن قال: أطعت مطامع فاستعبدتني.. ولو أني قنعت لكنت حرًا، والقائل: الطمع فقرٌ، واليأس غنى، وإن أحدكم إذا يئس من شيء استغنى عنه..
هذا ولخطورة الطمع ولكونه مهلك لصاحبه حذر النبي صلى الله عليه وسلم منه أشد التحذير فقال: "أهل النار خمسة: من جملتهم الخائن الذي لا يخفى له طمع، وإن دق إلا خانه".. وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يستعيذ بالله تعالى في دعاءه من الطمع فكان يقول "اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع"..
هذا والطمع يمحق البركة ويشعر النفس بحالة الفقر الدائم، فعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: "سألت رسول الله فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: "يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يُبارك له فيه، كالذي يأكل ولا يشبع"..
وكان السلف الصالح يرون أن الطمع يُذهب بركة العلم، فقد اجتمع كعب وعبد الله بن سلام، فقال كعب: يا بن سلام: مَن أرباب العلم؟ قال: الذين يعملون به، قال: فما أذهب العلمَ عن قلوب العلماء بعد أن علموه؟ قال: الطمع، وشَرَه النفس، وطلب الحوائج إلى الناس..
ورحم الله القائل:
ولم أقضِ حَقَّ العلمِ إن كان كُلَّمَا بدا طَمَعٌ صَيَّرتُه لي سُلَّما
وما زلتُ مُنحازًا بعرضيَ جانبًا من الذلِّ أعتدُّ الصيانةَ مَغنما
إذا قيلَ هذا مَنهلٌ قلتُ قد أرى ولكنَّ نفسَ الحرِّ تَحتَملَ الظَّمَا
أُنزِّهها عن بَعضِ ما لا يشينُها مخافةَ أقوال العدا فيم أو لما
فأصبحُ عن عيبِ اللئيمِ مسلَّما وقد رحتُ في نفسِ الكريمِ مُعَظَّما
وإني إذا ما فاتني الأمرُ لم أبت أقلِّبُ فكري إثره مُتَنَدِّما
ولكنه إن جاء عَفوًا قبلتُه وإن مَالَ لم أُتبعهُ هَلاِّ وليتَما
وأقبضُ خَطوي عن حُظوظٍ كثيرةٍ إذا لم أَنلها وافرض العرضِ مُكرما
وأكرمُ نفسي أن أُضاحكَ عابسًا وأن أَتلقَّى بالمديح مُذمَّما
وكم طالبٍ رقي بنعماه لم يَصِل إليه وإن كَانَ الرَّئيسَ الُمعظَّما
وكم نعمة كانت على الُحرِّ نقمَةً وكم مغنمٍ يَعتَده الحرُّ مَغرَما
ولم أبتذل في خدمة العلمِ مُهجَتي لأَخدمَ من لاقيتُ لكن لأُخدما
أأشقى به غَرسًا وأجنيه ذِلةً إذن فاتباعُ الجهلِ قد كان أَحزَما
ولو أن أهل العلمِ صانوه صانَهُم ولو عَظَّمُوه في النفوسِ لَعُظِّما
ولكن أهانوه فهانو ودَنَّسُوا مُحَيَّاه بالأطماعِ حتى تَجهَّما
وفي هذا المعنى يقول أبو العتاهية رحمه الله تعالى "يا سَلْمُ بنَ عمرو. أذلَّ الحرص أعناق الرجال".
وقال بعضهم: الحرص يُنقص قدر الإنسان، ولا يزيد في رزقه.. وقالوا: العبيد ثلاثةٌ: عبد رِقّ، وعبد شهوة، وعبد طمع.
ولو لم يكن في الطمع إلا تضيع العمر الشريف الذي يمكن أن يشتري به صاحبه الدرجات العلى والنعيم المقيم، في طلب رزق قد تكفل الله به لكفى بذلك زجرًا، فكيف وفي الطمع التعب الدائم وتحقير النفس وإذلالها، ونقص الثقة بالله عز وجل مع شعور صاحبه بفقر دائم وما فتح عبد بابَ مسألةٍ، إلا فتح الله عليه باب فقر.. نسأل الله أن يقينا شر الطمع وإن يعافينا منه وإن يجعلنا من أهل القناعة والرضا..
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا