رئيس التحرير
عصام كامل

هل يداوي الأخطاء الطبية الجسيمة؟! (2)ِ

 المسئولية الطبية ستظل على المحك؛ حتى يتحقق الأمن الطبي المنشود، بمعايير طبية أكثر واقعية ومعيارية؛ فربما تحقق التعديلات التي طالت مشروع القانون الأخير بعض الرضا والتوافق، وربما التوازن بين حقوق المريض والطبيب، لكن الحكم الأخير على نجاحها سيظل رهنًا بالتطبيق الفعلي على أرض الواقع.. لكننا ورغم ذلك في حاجة ماسة لمنظومة طبية تحقق العدالة لكل أطرافها، ولا تقف عند حدود الأخطاء الطبية فقط! 


أليست المغالاة في الكشف والتهرب من الضرائب مما يقع ضمن اختصاص إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة.. أليست الأخطاء الطبية ومواجهتها من واجباتها الأصيلة.. لماذا نترك المواطن المريض فريسة في أنياب من لا يرحم مرضه وضعفه واحتياجه ليزيد همه ويضاعف أعباءه ويستغل لحظات ضعفه؟!


أين الرحمة ممن يفترض أنهم ملائكة الرحمة.. أين هم من قول ربنا عز وجل: "وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ".. ولا من قول نبينا الكريم: "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"؟!
 

وفي المقابل ينبغي أن تتدخل وزارة الصحة بالتعاون مع نقابات المهن الطبية لوضع قواعد عادلة لأسعار التحاليل الطبية، خصوصًا أن بعض المعامل الكبرى تكيل بمكاييل عديدة في تحديد أسعار التحاليل والأشعات، وهو دفع ثلاث نقابات بينها نقابة الصحفيين لاتخاذ موقف حازم بوقف التعامل مع بعض تلك المعامل حتى إشعار آخر، ابتغاء تحقيق العدالة والإنصاف لأعضائها.


الأخطاء الطبية ظاهرة عالمية تؤكدها أرقام منظمة الصحة العالمية، وهي تتسبب في إزهاق أرواح 5 مرضى في كل دقيقة حول العالم، ونحو مليونين و600 ألف شخص سنويًا.. وفي مصر تتسبب في وقوع 3% من الوفيات.


ضحايا الخطأ الطبي يفوق ضحايا الحروب والأوبئة والانتحار والأمراض الفتاكة مجتمعة في العالم كله ومع ذلك فإنه يمكن تلافي 83% من تلك الأخطاء إذا ما تبنت الدول- بحسب منظمة الصحة العالمية- سياسات مأمونة داخل منشآتها الصحية..

وهو ما يستلزم كثيرًا من الجهد المنظم والتوعية بخطورة المسألة المتعلقة بحياة الإنسان أكرم مخلوقات الله في الأرض.. ناهيك عن ضرورة الحماية القانونية للضحايا والردع للمخطئين المهملين وتوفير التأمين والتعويض المناسب حال وقوع مثل الأخطاء.


وزارة الصحة قدرت وقوع آلاف الحالات من الأخطاء الطبية سنويًا، يجري بسببها شطب الأطباء المخطئين كما تقول نقابتهم.. لكن ذلك لم يكف لحصار هذه الظاهرة الخطيرة التي يقف القانون عاجزًا عن منعها أو مواجهتها..

 

وقد تبين من خلال دراسة أجراها خبير العلوم الجنائية اللواء رفعت عبد الحميد عن الخطأ والإهمال الطبي الجسيم، ومسرح الجريمة انعدام التشريع والمسئولية الجنائية في مواجهة تلك الأخطاء في الفترة من 1937 وحتى وقتنا هذا.. وليس هناك تفسير أو تعريف قاطع للتفريق بين الخطأ والإهمال الطبي الجسيم الذي يتسبب في وفاة مريض أو إصابته بعاهة مستديمة.. 

ومن ثم فلا مناص والحال هكذا من تشريع حاسم يجرم ذلك. وهو ما يستلزم قانونًا رادعًا وتعريفًا جامعًا مانعًا لكلا اللفظين يفرق بينهما بدقة، ويضع لكل واحد منهما ما يناسبه من العقوبة الرادعة التي تحمي حقوق المريض والطبيب وجميع أطراف العملية الطبية.


فهل ينجح القانون الجديد للمسئولية الطبية في إنهاء فوضى الأخطاء الطبية القاتلة، وإلزام مقدمي الخدمة بالتأمين الإجباري لجميع العاملين في المنظومة الطبية، حتى يحصل أي مريض تضرر على حقه المناسب في التعويض المالي حال تضرره من خطأ أو إهمال طبي جسيم لحق به بأي صورة كانت.. 

على أن تُسند مهمة الحكم بوقوع ذلك الضرر إلى لجنة طبية على أعلى مستوى، وأن تترك الولاية القانونية في تلك المسألة للنيابة العامة والقضاء وليس لنقابة الأطباء، تفاديًا لأي شبهة انحياز أو تعاطف لأعضائها لاعتبارات مهنية أو انتخابية. 


نرجو أن ينجح قانون المسئولية الطبية في سد كل الثغرات، وأن يكفل الحماية اللازمة للمريض والطبيب معًا فإننا نأمل كذلك أن يلزم المستشفيات بالتجهيز طبقا لمعايير معتمدة، كما هو مُطبق فى كل دول العالم، خاصة فى الحالات الحرجة ذات نسب الشفاء القليلة، حتى لا يتردد الأطباء فى عمل التدخلات الطبية خوفا من الوقوع فى مساءلة قانونية أو ابتزاز، وأن يبذلوا أقصى جهودهم لإنقاذ هذه الحالات.


صدور القانون مراعيًا لكل تلك الاعتبارات من شأنه أن يبث الطمأنينة في نفوس المرضى وذويهم كما يسهم بالدرجة ذاتها في تقليل هجرة الأطباء إلى الخارج وفقدان كفاءات وكوادر يصعب تعويضها في بيئة تعاني نقصًا ظاهرًا في الأطباء والتمريض أيضًا، وهو ما يتطلب من أعضاء مجلس النواب دعم هذا القانون، وسرعة إقراره ليعطي كل ذي حق حقه.


ما سبق يدعونا لاستحداث قوانين أخرى وإجراءات أكثر مرونة تستجيب لتحديات الوقت، وأن تأخذ بعين الاعتبار تحسين أوضاع الأطباء ماديًا ومهنيًا، لكي يتفرغوا بقناعة وعن طيب خاطر لرعاية مرضاهم، خصوصًا في المستشفيات والوحدات الصحية الحكومية، لأنهم في النهاية ثروة قومية لمصر ينبغي الحفاظ عليها وتنميتها وتعظيم الاستفادة منها.. 

 

كما لابد من إعادة النظر في كيفية تخفيف الأعباء عن المرضى الذين يعانون غلاء أسعار الكشف عند الأطباء خصوصًا كبارهم ومشاهيرهم والذين يرفعون الفيزيتا دون مبرر ودون قواعد عادلة، وفي الوقت نفسه لا ينطبق عليهم ما ينطبق على المواطن الغلبان الذي تستقطع منه الضرائب من المنبع على محدودية ما يتقاضاه من أجور.. فلماذا لا يُعامل كبار الأطباء ضريبيًا معاملة محدودي الدخل والموظفين. 


ننتظر دورًا أكثر فعالية من لجنة الصحة بالبرلمان، وكذلك قسم العلاج الحر بوزارة الصحة لتحديد آلية ناجزة لتحديد قيمة عادلة للكشف والفحوصات والأشعات والتحاليل رحمة بظروف المرضى.

 


أملنا أن تختفي ظواهر سلبية كالأخطاء الطبية الكارثية في الجمهورية الجديدة خصوصًا وأن هناك اهتمامًا ما بعده اهتمام من رئيس الجمهورية بتحسين حياة المواطن وجودة ما يقدم له من خدمات طبية، تعدد من أجلها المبادرات الرئاسية بدءًا من 100 مليون صحة، مرورًا بمبادرة علاج فيروس "سي" التي حققت نجاحًا كبيرًا أشادت به منظمات دولية معتبرة.. فهل يخرج القانون الجديد بصورة تحقق التوافق والإنصاف لكل أطراف المنظومة الطبية؟!

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية