رئيس التحرير
عصام كامل

رجب المليجي

بينما كنتُ في مهمة صحفية خارج البلاد، وبينما كنت في زمرة من قادة العالم المتحضر، منهمكين في مناقشات إنسانية تتعدى حدود الجبروت والقوة، كنا ضمن كوكبة من خبراء العالم بالمنتدى العالمي لمكافحة الإبادة الجماعية بالعاصمة الأرمينية “يريفان”، وفي وقت الاستراحة القصيرة بين ندوتين، قلبتُ سريعًا صفحات التواصل الاجتماعي، توقفت وعاد بي الزمن إلى حيث كنت غضًّا؛ إلى قريتي، إلى معلم الأجيال الأستاذ رجب المليجي.

سطور قليلة تنعى الرجل بعد حياة حافلة بكل العطاء، تساقطت مني الدموع من دون أن أدري، يا الله، يا واحد، يا قيوم، يا باقٍ. رحل الرجل الذي نحت في نفوسنا صدقًا كانت سطوره من مخطوطات حصصه، رحل الرجل الذي طالت إحاطاته بنا حدود المدرسة، إلى البيت والشارع والمسجد، رحل الرجل الذي بقيت منه فضائل تصبغ حياتنا بكل غالٍ ونفيس.

تداعت على ذاكرتي إطلالاته البهية، المنمقة، الأبية. يسود الصمت المكان مع مزيج من الهيبة والرهبة والرغبة في أن يبدأ حروف الكلام. كانت كلماته وعاءً يحتوي كل حائر أو باحث عن مساحة أكثر رحابة، كأنه ملاك على الأرض، يرعانا في الفصل وخارجه، وبعد خروجنا إلى منازلنا، وكان رسول علم ومحبة، وكان القدوة إذا ما اقتديت، وكان البوصلة إذا ضللت.

كان يمثل جيلًا من هؤلاء الذين حملوا صورة المعلم المثالي بين جوانحهم، كانت عنايته لا يحدها حد، ولا يوقفها ظرف. كان حضوره طاغيًا في بيوتنا، وفي فصولنا، وفي شوارعنا، يرقبنا بروح الأب خارج فصول الدرس، وكان مهمومًا بما تحمله مدارس الأرياف من شح الإمكانيات وبخل القابعين في قاهرة المعز التي تستولي على كل شيء.

لم يكن يرانا إلا أبناء يبحثون عن فرصة في خضم بحر الحياة القاسي، وكان يبحث في كل واحد منا على منطقة إيجابية يعظم من قدرها، ويعلي من شأنها، ويعمل عليها ليل نهار، وكم من أيام نزع من رؤوسنا عدم الفهم أو التغابي ليأخذنا إلى منزله في دروس خاصة بلا مقابل.

لم نكن نسمع عن الدروس الخصوصية، وكان الواحد منا لا يخجل أن يتوجه في أي وقت أيام الإجازات أو العطلات ليطرق باب الأستاذ، يفهم الرجل من دون البوح أن مسألة علمية مستعصية على أفهامنا، يفتح الباب ويستقبلنا كأننا ضيوف من كبار القوم. كان كريمًا منفقًا كالذي لا يخشى الفقر أبدًا.

ما زلت أقرأ سطور النعي المقتضب، وما زلت لا أبرح تلك المساحة الزمنية التي عايشناه مع أجيال نهلت من علمه ونعمت بإخلاصه، وأقلب بين طيات الأيام ذكريات اكتشف فيها كل مكامن قوانا، ونصح فينا كما ينصح الأب المحب ورسم باستنارته طرقًا لنا لنخوض معارك الحياة متسلحين بما قدم لنا.

رحم الله الأستاذ، وتقبله مع الصديقين والمخلصين والشهداء، رحم الله معلمًا ترك فينا منه أجمل ما في الإنسان، وأفرغ علينا نحن محبيه وتلامذته وعلى أهله صبرًا جميلًا.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية