الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة عمر بن عبد العزيز (3 – 4)
في هذه السلسلة، نتناول استعراضًا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.
عالج عمر بن عبد العزيز الأزمات والمشكلات التي سببها أسلافه من حكام الدولة الأموية بحق المسلمين، وأقام العدل، ومنع الإساءة لآل البيت، وسب الإمام علي بن أبي طالب على المنابر.
وحرص أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز في خلافته على 3 أمور رأى أن ملوك بني أمية ممن سبقوه لم يعيروها أية أهمية، وهي إقامة الحق بالتزام الكتاب والسنة، وتطبيق الشورى، ونشر العدل.
اتباع سنة الرسول وهدي الخلفاء الراشدين
فقد أعلن منذ أول خطبة له منهاجه الواضح باتباع سنة رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وهدي الخلفاء الراشدين، حتى قال الحسن البصري التابعي الشهير: "ما ورد علينا قط كتاب من عمر بن عبد العزيز إلا بإحياء سنة أو إماتة بدعة أو رد مظلمة".
ثم التفت عمر إلى مستشاريه ووزرائه فقام بتوسيع دائرة الشورى لتعم العلماء والصالحين وأهل الرأي والمشورة، كما منع الشعراء من الدخول عليه.
التوقف عن الإساءة لعلي وآل البيت
وذكر ابن الأثير في كتابه "الكامل" أنه كان بنو أمية يسبون أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، ويسيئون إلى آل بيت رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، إلى أن ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، فترك ذلك وكتب إلى العمال في الآفاق بتركه.
وكان سبب محبته للإمام علي، أنه قال: كنتُ بالمدينة أتعلم العلم، وكنت ألزم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، فبلغه عني شيءٌ من ذلك (أي من الإساءة لعلي)، فأتيتُه يوما وهو يصلي، فأطال الصلاة، فقعدت أنتظر فراغه، فلما فرغ من صلاته التفت إلي فقال لي: متى علمت أن الله غضِب على أهل بدر وبيعة الرضوان بعد أن رضي عنهم؟! قلت: لم أسمع ذلك. قال: فما الذي بلغني عنك في علي؟ فقلت: معذرة إلى الله وإليك! وتركتُ ما كنت عليه.
قال عمر: كنت غلامًا أقرأ القرآن على بعض ولد عتبة بن مسعود، فمر بي يومًا وأنا ألعب مع الصبيان ونحن نلعن عليًا، فكره ذلك، ودخل المسجد، فتركتُ الصبيان وجئت إليه لأدرس عليه وردي، فلما رآني قام فصلى وأطال في الصلاة، شبه المعرض عني حتى أحسست منه بذلك، فلما انفتل من صلاته كلح في وجهي، فقلت له: ما بال الشيخ؟! فقال لي: يا بنيَّ أنت اللاعن عليًا منذ اليوم؟ قلت: نعم، قال: فمتى علمت أن الله سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم؟!
فقلت: يا أبت وهل كان عليٌّ من أهل بدر؟!
فقال: ويحك! وهل كانت بدر كلها إلا له؟! فقلت: لا أعود، فقال: آلله إنك لا تعود؟! قلت: نعم فلم ألعنه بعدها.
وكان أبي إذا خطب فنال من علي، رضي الله عنه، تلجلج، فقلتُ: يا أبه إنك تمضي في خطبتك فإذا أتيت على ذكر عليّ عرفت منك تقصيرا؟ قال: أو فطنتَ لذلك؟ قال: نعم.
فقال: يا بني إن الذين حولنا لو يعلمون من عليٍّ ما نعلم تفرقوا عنا إلى أولاده.
فلما ولي الخلافة لم يكن عنده من الرغبة في الدنيا ما يرتكب هذا الأمر العظيم لأجلها، فترك ذلك وكتب بتركه وقرأ بدلا منه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى {النحل: 90}. فحل هذا الفعل عند الناس محلا حسنا وأكثروا مدحه بسببه.
عمر بن عبد العزيز وآل البيت
وذكر عمر بن عبد العزيز الإمام زين العابدين، رضي الله عنه، يومًا فقال: "ذهب سراج الدنيا وجمال الإسلام وزين العابدين!
فقيل له: إن ابنه أبا جعفر محمد بن علي فيه بقية، فكتب عمر يختبره، فكتب إليه محمد كتابًا يعظه ويخوفه!
فقال عمر: أخرجوا كتابه إلى سليمان فأخرج كتابه فوجده يقرظه ويمدحه، فأنفذ إلى عامل المدينة. وقال له: أحضر محمدًا، وقل له: هذا كتابك إلى سليمان تقرظه، وهذا كتابك إليَّ مع ما أظهرت من العدل والإحسان! فأحضره عامل المدينة وعرفه ما كتب به عمر، فقال: إن سليمان كان جبارًا كتبتُ إليه بما يكتب إلى الجبارين، وإن صاحبك أظهر أمرًا فكتبت إليه بما شاكله!
وكتب عامل عمر إليه بذلك، فقال عمر: إن أهل هذا البيت لا يخليهم الله من فضل.
ولما دخل عمر بن عبد العزيز المدينة نادى مناديه: من كانت له مظلمة وظلامة فليحضر.
فدخل إليه مولاه مزاحم فقال: إن محمد بن علي (محمد بن الحنفية) بالباب، فقال له: أدخله يا مزاحم.
قال: فدخل وعمر يمسح عينيه من الدموع، فقال له محمد بن علي: ما أبكاك يا عمر؟
فقال هشام (ابن عمر): أبكاه كذا وكذا يا ابن رسول الله، فقال محمد بن علي، رضي الله عنهما: إنما الدنيا سوقٌ من الأسواق، يبتاع فيها الناس ما ينفعهم وما يضرهم، وكم قوم ابتاعوا ما ضرَّهم فلم يصبحوا حتى أتاهم الموت، فخرجوا من الدنيا ملومين لمَّا لم يأخذوا ما ينفعهم في الآخرة، فقُسم ما جمعوا لمن لم يحمدهم، وصاروا إلى من لا يعذرهم.. فنحن واللهِ حقيقون أن ننظر إلى تلك الأعمال التي نتخوف عليهم منها، فكُفَّ عنها واتق الله، واجعل في نفسك اثنتين: إلى ما تحب أن يكون معك إذا قدمت على ربك فقدمه بين يديك، وانظر إلى ما تكره أن يكون معك إذا قدمت على ربك فارمه وراءك.. ولا ترغبن في سلعة بارت على من كان قبلك فترجو أن يجوز عنك، وافتح الأبواب وسهل الحجاب، وأنصف المظلوم ورد الظالم.. ثلاثة من كن فيه استكمل الإيمان بالله.
فجثا عمر على ركبتيه، ثم قال: إيه أهل بيت النبوة، قال: نعم يا عمر، من إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل، ومن إذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق، ومن إذا قدر لم يتناول ما ليس له.
فدعا عمر بدواة وبياضٍ، وكتب: "بسم الله الرحمن الرحيم.. هذا ما ردَّ عمر بن عبد العزيز، ظلامة محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم بفدك".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا