السخرية والمزاح.. المكروه والمباح! (2)
تُرى لماذا يصر البعض على السخرية من الآخرين رغم أن الله نهانا عن ذلك؟ وهل يدرك من يسخر من غيره أنه على خطر عظيم، وأن ما يفعله سيرتد إليه ليسخر منه الغير بنفس الطريق التي سخر بها من الآخرين؟!
السخرية من الآخرين تنطوي على كبر مبطن، والساخر تنطوى نفسه على نرجسية وإعجاب بالذات دفعته لمثل هذا المسلك المعيب، ومادَّة السخرية لا تنبعث إلا من نفس قد سيطر عليها العُجْبِ والتكبُّر، فهي تعمل على إيذاء من حولها بدافع الشعور بالفوقية المتغلغلة في أعماقها المريضة، فهو كمن يرى القذى في عينيه ولا يرى الخشبة في عينيه.
ولنا في قصة آدم وإبليس المثل والعظة.. ألم يستهن إبليس بآدم ويسخر منه قائلًا: أنا خير منه، فباء بالخسران والخذلان، ولو أنه أمعن النظر في صفات آدم لأدرك أنه يمتاز عليه بصفات كثيرة، أوجدها الله تعالى فيه ليكون مخلوقًا متوازن الصفات والاستعدادات، فعنده استعداد للخير ونوازع للسوء، وعقل للتمييز وقلب للتنوير..
ومن ثم فهو قد حباه الله جميع الملكات الَّتي تصلح كأدوات للصراع بين الخير والشر، يخوضه الإنسان ويميِّز به الخبيث من الطـيِّب، وتتقرَّر به درجات الإحسان أو الإساءة.
وعلى النقيض تماما فلم يكن إبليس معتدلًا بل إن بلوغه رتبة عالية في الطاعة والعبادة، أغوته بالكبر والظن بأنه الأفضل، فعصى ربه وخالف أمره وأصبح زعيمًا للشر وأهله، وباء بغضب الله تعالى ولعنته. ولولا دواعي الكبر المتأصِّلة في نفسه، لأدرك الفضل والكرامة لآدم والمكانة المتميزة التي له عند ربِّه، فلم يستهن به ولم يسخر منه.
فهل ترضى أيها الساخر من غيرك أن تضع نفسك مع إبليس اللعين في خندق واحد؟! أما أخطر ما في سخرية الإنسان من أخيه الإنسان فإنها أقصر الطرق لهدم العلاقات الإنسانية، وإضعاف المجتمع وتمزيقه شرَّ مُمزَّق، حيث يستعلي المرء بماله، أو حسبه، أو جاهه مفاخرة ومباهاة وتحقيرًا للآخرين..
دون أن يدرك إمكانية تفوُّقهم عليه بمواصفات لا تتوافر فيه هو، تماما كما رأى إبليس نفسه فوق آدم منزلة لا لشيء إلا لأنه خلق من نار بينما خلق الله آدم من طين.. فهل كان لإبليس فضل في خلق نفسه؟!
أما الشيطان إبليس فيضع كل هذه الموبقات بين أيدي الخلائق ليفرِّق بينهم، وليزرع العداوة والبغضاء في قلوبهم.. رغم أن أكثر ما يتكبر به هؤلاء ويتباهون به ليس في الحقيقة من صنع أيديهم، بل هو محض فضل وإنعام من الله تعالى ليختبر به عباده ليتبين الصادق من الكاذب.
بعض أولئك المستهزئين يبرر ما يفعله بأنه يمزح مع من يستهزئ بهم ويسخر منهم، وينسي هؤلاء أن للمزاح ضوابط لا يجوز تعديها، ولا يكون فيه شيء من الاستهزاء بالخلق، فليس لأحد أي فضل في تكوينه ولا يد في خلقته، وعليه أن يحمد الله في كل حال، فالخلق صنع الله، ومن أحسن من الله صنعا.. فلا تستطل على الله بجمال خلقتك وتذم الآخرين لدمامتهم.. ولا تظهر الشماته لأخيك فيرحمه الله ويبتليك.
أما المزاح بالسخرية والاستهزاء بالآخرين فقد عده بعض أهل العلم من الكبائر وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن السخرية من المسلمين فقال: "المسلم أخو المسلم لا يظـلمه ولا يخذله ولا يحقره. التقوى هاهنا ـ ويشير إلى صدره ثلاث مرات ـ بِحَسْبِ امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه". (رواه مسلم).
ما أجمل أن نتواضع لخلق الله وألا نعيب على الخلق شيئا والأحسن أن ننْـزِل النـاس منـازلهم وأن نمتدح صفاتهم وأخلاقهم الحميدة لتعزيز هذه المكارم في المجتمع، أما المزاح المعيب فقد يفضي إلى سوء الأدب أحيانا ومن ثم فعلينا الابتعاد عن المزاح المسيء؛ إذا أردنا مجتمعا متماسكا سويا قويا.. قادرا على مواجهة التحديات ولن يحدث ذلك إلا بالحب والتسامح واحترام الآخر.
ويبقى أن السخرية مرض اجتماعي يجب التخلص منه إن أردنا مجتمعًا سويًا خاليًا من العداوات!
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا