رئيس التحرير
عصام كامل

ساخرون، حكاوي زمان.. مصطفى محمود يكتب عن علاج القلق بالحب ووهم «بنج» الدجل والشعوذة

حكاوى زمان، فيتو
حكاوى زمان، فيتو

 في مجلة صباح الخير عام 1966 كتب العالم الدكتور مصطفى محمود مقالا قال فيه:

القلق من ضرورات العصر، وكل إنسان معرض لحالة من حالات القلق، والإنسان القلق فى حاجة إلى ثلاث مراحل ليفلت من قلقه، أن يفهم نفسه ويكشف قدراته ويزيح النقاب عن رغبته الحقيقية ومداها ومنبعها ويفهم واقعه وإمكانياته، وأن يقطع حبل التصورات والخيالات التى تغذى قلقه.. وأما أن يلقى بنفسه فى شعور جديد وتجربة جديدة بدون تحفظ وبدون خوف أهى تجربة حلوة أم مرة المهم لذة الاكتشاف.

وبهذا يستعيد الإنسان القلق قدرته على التكيف ويشعر أنه قد استرد نفسه ووضع يده على عصا القيادة من جديد، لكن ثبت أن أسوأ الحلول التى يلجأ إليها إنسان قلق أو مضغوط بمشاكل الحياة حوله هى الهروب بالمقاهى أو التدخين أو المخدرات ولعب الطاولة والقمار أو شلل السهر، كلها معناها ورقة غياب يتركها الإنسان القلق على مكتبه ويذهب بدون أن يصطحب نفسه إلى مكان ما ثم يعود دون أن يكون قد أحس بشيء حقيقى، إن فترة الهروب فترة ساقطة من العمر وليس هو الحل.

كذلك فإن أسوأ الحلول اللجوء إلى الدجل والشعوذة والأحجبة والأدعية، أن هذا الحل مثل البنج يصنع للإنسان اطمئنانا وهميا.

إن القلق مشكلة حقيقية تحتاج إلى حل حقيقى واقعى، وهى مشكلة عاجلة لا تقبل التأجيل فإلى جانب الإيمان والتسليم بالقضاء والقدر أن نقف وجها لوجه أمام حقائقنا فإما أن نصل إلى حل لتناقضنا أو يصل هذا التناقض إلى قمته فنحاول المحافظة على حياتنا بأن نلغيها من أساسها.

إن القرص الواقى من القلق هو ساعة نقضيها فى الفراش قبل أن ننام نفكر ونفكر فيما فعلناه ونزنه بميزان موضوعى هادئ، هذه الساعة هى بمثابة تطعيم ضرورى للذهن ضد القلق لأنها سوف تمنحنا معرفة بأنفسنا.

إذا استسلم الإنسان لزوابع القلق والغضب والحقد والأرق واليأس أصبح فريسة سهلة لقرحة المعدة والسكر وتقلص القولون وأمراض الغدة الدرقية والذبحة الصدرية.. وهى أمراض لا علاج لها، ولكن بالمحبة والتفاؤل والتسامح وطيبة القلب جرب بنفسك لا تشمت ولا تكره ولا تحقد ولسوف تلمس النتيجة هائلة، إنها تجربة شاقة سوف تحتاج منك إلى مجاهدات مستمرة ودائبة مع النفس، وسوف يتطلب ذلك حرب يشترك فيها العقل والإيمان والعزم والصبر والإصرار.


فالحقد والكراهية والحسد يرفع ضغط الدم ويحدث اضطرابات فى الغدد وعسر هضم وأرق، واليأس يؤدى إلى انخفاض الكورتيزون فى الدم، والغضب يؤدى إلى ارتفاع الأدرينالين فى الدم بنسبة كبيرة. إن أشق حرب هى حرب الإنسان مع نفسه، وما أسهل أن تسوس الجيوش، ما أصعب أن تسوس نفسك. 

إن ثمار المحبة تستحق كفاح العمر، بالحب يحل الانسجام والنظام فى الجسد و..

الجريدة الرسمية