رئيس التحرير
عصام كامل

ساخرون، حكاوي زمان.. إحسان عبد القدوس يكتب: تعودت أن أكون أنا 

حكاوى زمان، فيتو
حكاوى زمان، فيتو

في مجلة روز اليوسف عام 1957 تحت عنوان «أمس واليوم وغدا» كتب إحسان عبد القدوس مقالا يقول فيه: 

طالب في مدرسة ثانوية يعتقد أني إنسان ناجح، ويسألني في حديث صحفي بمجلة الحائط التي يصدرها هو وزملاؤه عن سر نجاحي.

قلت: إن شعاري في الحياة هو "كن أنت" ولم يفهم الطالب شيئا وعدت أقول له: لقد حاولت طول حياتي أن أكون أنا، ولا أكون أحدا غيري، لم أحاول أن أقلد عمل غيري، ولم أطمع في شيء يمتلكه غيري، ولم أدع الغيرة أو المنافسة تعميني عن حقيقتي وعن تقدير قدر نفسي، ولم أبحث عما أريده فيما حصل عليه زملائي وأصدقائي.


بل بحثت عنه في دخيلة نفسي.. ماذا أريد أنا وماذا أستطيع أنا؟ وعودت نفسي على أن أعترف بعجزي عن أداء مهام لا أطيقها.. اعترفت بأني لا أصلح نائبا في البرلمان.. ولا أصلح مدير شركة، ولا أصلح محاميا، ولا أصلح لأكون أستاذا في معهد الصحافة بالجامعة المصرية..و... و... 

رفضت عروضا كثيرة، لا زهدا، لكن لأني كنت أعرف أني لن أنجح في القيام بها، وليس عيبا أن تعترف بعجزك، لكن العيب أن تتولى عملا وأنت تدري أنه لا يتلاءم مع طبيعتك  ولا مع مواهبك، ولا مع قدرتك.

وأنا إلى اليوم أفضل أن أكون في عمل صغير، علي أن أكون الثاني في عمل كبير، وقلت للزميل الصغير: هل أقول لك سرا.. لقد كنت عندما بدأت الكتابة أقرأ لتوفيق الحكيم ومحمد التابعي وطه حسين وفكري أباظة.. وفجأة توقفت عن القراءة لهم جميعا.. 

فقد اكتشفت أني أتأثر بهم إلى حد خفت معه أن أفقد شخصيتي، وأصبح مقلدا لهم، لأسلوبهم في الكتابة، ولطريقتهم في التفكير، وظللت ممتنعا عن القراءة لهم إلى أن أحسست أن قلمي بدأ يصلب عوده، وأن شخصيتي قد ثبتت معالمها، فعدت أقرأ لهم من جديد وأنا واثق من أني لن أنساق إلى تقليدهم.

 

شيء آخر.. إني لا أعتبر نفسي إنسانا ناجحا.. فالنجاح يستلزم عنصرين.. القدرة على الخيال، والقدرة على تنفيذ الخيال، وقدرتي على الخيال لا تزال أقوى بكثير من قدرتي على التنفيذ، ويوم أستطيع أن أنفذ كل خيالي.. سأعتبر نفسي إنسانا ناجحا المهم أن لا أكون إلا أنا.

الجريدة الرسمية