رئيس التحرير
عصام كامل

مستقبل الطاقة الشمسية

من المعلوم أن خطة مصر للطاقة 2040 تستهدف تقليل الاعتماد على الوقود التقليدي في إنتاج الكهرباء، بالإضافة إلى تأكيد الدور المصرى في الحفاظ على البيئة والتوسع في مشروعات الطاقة الخضراء، كما تستهدف انخفاض القدرات المولدة من الطاقات التقليدية سواء الغاز أو المازوت إلى 49 ألف ميجا وات بدلا من 60 ألف ميجا وات إجمالى القدرات التى تعتمد على الوقود حاليا على الشبكة القومية للكهرباء. 

 

ويعد الوصول إلى صفر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتج عن توليد الكهرباء، أهم أهداف استراتيجية مصر للطاقة 2040، حيث تستهدف أن يصل إجمالى القدرات المولدة من الطاقات الجديدة والمتجددة ومن الطاقة النووية إلى 123 ألف 400 ميجا وات إجمالى قدرة الشبكة الكهربائية بحلول 2040. 


وما يهمنا الحديث عنه هو الطاقة الشمسية المستقبل الحقيقي للطاقة في مصر، تلك التي وصفها كل وزراء الكهرباء بأنها ستكون المستقبل، لكن لا نجد من هذا الحديث على أرض الواقع سوى النزر اليسير سواء على مستوى الحكومة أو على مستوى القطاع الخاص والتجارب الشخصية.. 

 

ورغم حجم المشروعات الحكومية في الطاقة النظيفة والذي يبلغ نحو 1.5 مليار جنيه مصري، ووجود أكثر من 122 شركة مؤهلة للعمل في مشروعات الطاقة الشمسية، وفقًا لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، إلاّ أن إنتاج قطاع الطاقة الشمسية لازال محدودًا مقارنة مع  مصادر الطاقة التقليدية، رغم كون مصر من أغنى دول العالم في الطاقة الشمسية؛ حيث يبلغ معدل السطوع الشمسي بها نحو ثلاثة آلاف ساعة سنويًا.


ويرى خبراء الطاقة المتجددة والعاملون بشركات الطاقة الشمسية أن هذا القطاع يواجه تحديات وعقبات ترتبط بالاستيراد وتوفير العملة الأجنبية، وسعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري، انعكست على التكلفة الإجمالية لإنشاء محطات الطاقة الشمسية، وجعلت الكثيرون يعزفون عن استخدامها كبديل لمصادر الطاقة التقليدية، في وقت تعاني البلاد من أزمات متكررة تتعلق بسد احتياجات الاستهلاك المحلي من الكهرباء والغاز الطبيعي وتوفير الدولار اللازم لاستيراده.. 

 

كما يشكل قصور شبكة الكهرباء تحديًا آخر يحول دون التوسع في استخدام الطاقة الشمسية في مصر، لاسيما على المدى البعيد، آملين أن يتم تحديث الشبكة وأن توفر الحكومة منح وتسهيلات لمن يرغبون في إنتاج الطاقة من الألواح الشمسية، والاستفادة من الخبرات الأجنبية لتصنيع الخلايا الشمسية في مصر.


وتعد التكاليف الإنشائية الكبيرة للألواح الشمسية من أبرز العقبات في مجال استخدام الطاقة الشمسية، فهي تحتاج إلى مساعدات تمويلية ببرامج تمويل مبتكرة من خلال البنوك وغيرها، إضافة إلى وجود عقبة قصور شبكة الكهرباء غير القادرة على استيعاب التوسعات كبيرة في استخدام أنظمة الـ on-grid (أنظمة الشمسية التي تولد الكهرباء فقط عندما تكون متصلة بشبكة الكهرباء الحكومية محول التيار أو الانفرتر)، وتتيح بيع فائض الطاقة المولدة من خلال الخلايا الفولتوضوئية، ـ التي تحول الطاقة الشمسية إلى كهرباء-، إلى شركات توزيع الكهرباء القومية. 

 

ولدينا محطة بنبان للطاقة الشمسية بقدرة تصل إلى 1465 ميجاوات، وهناك مشروعات جديدة للطاقة الشمسية سيتم افتتاحها وستصل قدرتها لأكثر من ألفين ميجا وات، إضافة إلى ثلاثة آلاف ميجاوات من محطات طاقة الرياح، بإجمالي عشرة آلاف ميجاوات من الطاقة المتجددة.. 

كلها سيتم تحميلها على شبكة الكهرباء، مما سيخلق مشكلة كبيرة بالشبكة إن لم يتم تحديثها لاستيعاب تلك القدرات، وإلا ستكون مضطرة لإخراج قدرات من الشبكة واستخدام الطاقة الشمسية محليًا بدلًا من الخلايا الفولتوضوئية ونظام القدرات الموزعة.. 

لا سيما بالنسبة إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي يمكن إنشاءها على أسطح المباني كي لا تصبح كتلة ضخمة تضاف إلى الشبكة. 

 

ويصل إجمالي القدرات للطاقة المتجددة في مصر إلى حوالي 6110 ميجا وات، من بينها 4004 ميجاوات تنتجها مؤسسات حكومية ونحو 2106 ميجاوات تنتجها شركات القطاع الخاص، بحسب بيانات رسمية، وتقترب قدرات قطاع الكهرباء في مصر من 60 ألف ميجاوات، ويمثل الوقود الأحفوري نسبة تتجاوز 89% من قدرات إنتاج محطات الكهرباء، بينما لا تتجاوز قدرات الطاقة المتجددة المركبة 11% فقط.


ونجد أن استخدام الطاقة الشمسية بـ نظام الطاقة الموزعة -التي تولّد الكهرباء للاستعمالات السكنية والتجارية والصناعية خارج الشبكة- يواجه في مصر عقبة عدم توفر مساحات كبيرة يصعب تدبيرها في المناطق السكنية المزدحمة؛ حيث يمكن أن تغطي الألواح الشمسية الموضوعة فوق سطح برج سكني، احتياجات الطاقة لـ شقتين سكنيتين فقط في هذا البرج.. 

 

في حين يعد هذا النظام أنسب لتشغيله في مشروعات استصلاح الأراضي الصحراوية وضخ المياه من الآبار، وحلًا لمشكلة ضعف قدرة الشبكة الاستيعابية، لكنه يتسم بارتفاع تكلفته مقارنة مع تركيب العدادات التبادلية، لأنه يحتاج إلى البطاريات والانفرتر لتشغيل الطاقة خلال ساعات الليل. 

 

 

وخفض قيمة العملة المحلية أضاف أعباء رهيبة على القطاع وزاد من تكلفة المعدات إلى الضعف، وكان قد صدر قرار بإعفاء معدات الطاقة المتجددة من الرسوم الجمركية، لكن تم فرض جمارك تتراوح بين 2٪ إلى 5٪ من قيمة المعدات، وتدفع الشركات العاملة في قطاع الطاقة الشمسية الضرائب كغيرها من الشركات..

ولا يوجد حتى الآن تصنيع كامل للخلايا الفولتوضوئية في مصر، لكن تقوم بعض المصانع التابعة للإنتاج الحربي باستيرادها وتجميع الألواح الشمسية في مصر، وفي ظل المعوقات القائمة فإن الإقبال على الطاقة الشمسية لازال محدودًا.

الجريدة الرسمية