الرئيس يؤكد صدق ما ذكرته عن صندوق النقد
الحمد لله الذي أكرمني بإثبات عملي لما ذكرته في مقال الجمعة بتاريخ 11 من أكتوبر 2024 تحت عنوان: " حيثما وقع الضرر على الفقراء تجد صندوق النقد "، والذي حذرت فيه من سياسة صندوق النقد الدولي تجاه مصر، والتي تهدف في الأساس لإثارة القلاقل والاضطرابات بسبب ضغط الصندوق على الطبقة الفقيرة والمتوسطة بمصر التي لن تجد القوت الضروري وفق ما يطمح له الصندوق..
فتثار القلاقل والاضطرابات التي تؤدي إلى ثورة جياع تتحطم تحتها الدولة المصرية نتيجة تدخل الماسونية العالمية ممثلة في أمريكا وإسرائيل للعمل على تقسيم مصر، وجعلها مقرا لحكم الماسونية العالمية، وقد اتهمني البعض بالمغالاة في النظر لصندوق النقد الدولي وما يفعله بمصر، وإني أحب نظرية المؤامرة إلخ..
لكن ها هو الرئيس السيسي ينتبه لما ذكرته في مقالي السابق ويحاك لمصر من قبل الصندوق، ويحذر من جر مصر للاضطرابات التي ذكرتها بسبب سياسة ذلك الصندوق في مصر، ويؤكد أنه لا بد من مراجعة البرنامج الذي اتفقت عليه مصر مع صندوق النقد إذا كان سيحمل الناس ما لا يمكن تحمله.
وقد وقعت مصر حزمة دعم مالي بقيمة 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي في مارس الماضي تلزمها بخفض دعم الوقود والكهرباء وسلع أولية أخرى والسماح بتحرير سعر صرف الجنيه..
وهي إجراءات أثارت غضبا شعبيا عارما ولا يزال الغضب خاصة بعد قرار وزارة البترول برفع أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود، للمرة الثالثة هذا العام، بنسب تتراوح بين 7 و17%، إذ إنها المرة الأولى التي يتم فيها زيادة أسعار المحروقات 3 مرات خلال عام واحد طبقا لأوامر صندوق النقد الدولي.
وكانت التعليقات السابقة لصندوق النقد الدولي على برنامجه مع الحكومة المصرية، تركز على 3 نقاط أساسية؛ الأولى تخص تسريع بيع الأصول من جانب الحكومة؛ ودعا الصندوق إلى ضرورة استعادة أسعار الطاقة إلى مستويات استرداد التكاليف، بما في ذلك أسعار الطاقة بالتجزئة بحلول ديسمبر 2025. ويشمل هذا أسعار المحروقات والكهرباء.
وبعيدا عن نظرية المؤامرة التي يستبعدها البعض عن الصندوق، وأكاد أجزم بها، وأن الصندوق يهدف لتدمير مصر لصالح إسرائيل والماسونية، ومع النية الحسنة وافتراض أن الصندوق مؤسسة محترمة تهدف بالفعل لخير مصر! فإني سأذكر بعض التجارب لذلك الصندوق في بعض الدول وما أدى إليه الصندوق من خراب الدول..
فالصندوق يفرض نظما لا تتماشى مع نظام الدول وحياتها، ولا يراعي الفروق بين الدول، فهو يفرض نظاما صارما يهدف من خلاله تقليل المصروفات على حساب الفقراء والحماية الاجتماعية حتى يتمكن من حصد أمواله التي أقرضها لهذه الدول..
ففي عام 1980، خصص صندوق النقد الدولي 150 مليون دولار للصومال، إلا أن محاولات تطبيق توصيات المنظمة في الحياة الاقتصادية الداخلية للبلاد أدت إلى انهيار الاقتصاد نفسه، ثم الدولة بأكملها. ونتيجة لذلك، بدأت حرب أهلية دموية طويلة وانقسمت البلاد نفسها إلى عدة أجزاء متناحرة.
وحتى الآن، وبعد مرور 44 عاما على هذا القرض القاتل، لا تزال الصومال في حالة خراب وفقر، وباتت تعد واحدة من أخطر الأماكن على وجه الأرض، وهو ما يهدف له الصندوق في مصر حفظها الله من مكر الماكرين وتخطيط المتآمرين، وتجربة السودان مع صندوق النقد الدولي هي الأخرى محزنة..
حيث حصلت الخرطوم على 260 مليون دولار لإجراء إصلاحات هيكلية في الاقتصاد في عام 1982 ونتيجة ذلك، وصلت الإصلاحات إلى طريق مسدود، وفي نفس الوقت كان لابد من دفع الديون وفوائدها بملايين الدولارات بأي طريقة.
وكما يحدث دائما، أدى الدمار الاقتصادي في النهاية إلى أزمة سياسية في السودان تفاقمت بسبب الانتفاضة المزمنة في جنوب البلاد. وكان يتوجب على السودان، الذي فقد بالفعل نصفه الجنوبي، سداد هذا الدين الذي تضخم بأنواع متعددة من الغرامات والعقوبات!
المكسيك هي الأخرى وقعت في فخ صندوق النقد الدولي، حين واجهت أوائل الثمانينيات انخفاضا خطيرا في أسعار النفط العالمية. لجأت هذه البلاد إلى صندوق النقد الدولي الذي قدم ما يسمى بخطة بيكر لإنقاذ الاقتصاد المكسيكي، وحصلت بموجبها على قرض بقيمة 3.4 مليار دولار، فماذا كانت الحصيلة؟
دمر الاقتصاد الوطني للمكسيك تماما، وحصلت الولايات المتحدة، ممثلة في صندوق النقد الدولي، على سيطرة على المالية العامة للمكسيك. والنتيجة طبيعية وتتمثل في تدفق 45 مليار دولار من البلاد إلى الولايات المتحدة، في حين تسبب الفقر الواسع في حركة هجرة إلى بلدان أخرى.