الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة ذي النورين عثمان بن عفان (1 - 2)
في هذه السلسلة، نتناول استعراضا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.
هو الخليفة المظلوم، فقد ظلموه، حيا وميتا.. هو ظلم نفسه بإقباله على تولي الخلافة، بعد عهد الخليفة العملاق، الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وهو من هو.. وظلم نفسه لأنه حكم بالعاطفة، فقرب أقاربه وأحبابه، وولاهم الكثير من الولايات، وتركهم في أماكنهم سنوات طويلة، فمنهم من كسب قلوب المحكومين، فلم يعودوا يرون غيره حاكما، مثل معاوية، ومنهم من كره الناس وجوده، مثل عبد الله بن أبي السرح، الذي كرهه المصريون ونقموا عليه، فضلا عن تأليب عمرو بن العاص للمحكومين عليه.
ومن العاطفة أيضا، ضيقه بنصائح كبار الصحابة له، فقد اعتادوا من سلفه العظيم، العدل والإنصاف والزهد، واعتبر عثمان، رضي الله عنه، ذلك تدخلا في شئون الحكم، وأن من حقه عليهم الطاعة مع الصمت، وعدم الشكوى.
قدَّم أميرُ المؤمنين، الخليفة الراشد عثمان بن عفان، ذو النورين، الكثير من الإنجازات للدولة الإسلامية، لكن خاتمة حياته جاءت كأسوا ما تكون النهاية.
هو أبو عبد الله عثمان بن عفان الأموي القرشي، ولد سنة 576م، الموافق لعام 47 قبل الهجرة.
مناقب عثمان
قال فيه النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: "ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة"، وقيل فيه أيضا: "وقد بشره بالجنة على بلوى تصيبه"، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة الذين انتقل النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو عنهم راضٍ.
اشتهر، رضي الله عنه، بالكرم والإنفاق في سبيل الله، وقد تقدم ذكر شيء من ذلك، وقد كان شديد الحياء.
ومن أهم مناقبه أنه هاجر الهجرتين الأولى إلى الحبشة والثانية إلى المدينة، وابتاع بئر رومة وتصدق بها على المسلمين.
لما قدم رسول الله، صلى الله عليه وسلم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "من يشتري بئر رومة فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين، بخيرٍ له منها في الجنة"، فاشتراها من صلب ماله.
ولا يُنسى موقفه في تجهيز جيش العسرة، وقال فيه النبي، صلى الله عليه وسلم، في ذاك اليوم: "ماضر عثمان ما فعل بعد اليوم"، قال الزهري: جهز عثمان بن عفان جيش المسلمين في غزوة تبوك بتسعمائة وأربعين بعيرًا وستين فرسًا.
طالع للمزيد: الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة عبد الله بن مسعود
كما قام بتوسعة المسجد النبوى، واتسعت الدولة الإسلامية في عهده، حيث قام بفتح عدد من البلاد، منها فتح مدينة "مرو وتركيا" والإسكندرية وأرمينية والقوقاز وكرمان وسجستان وإفريقية وقبرص، كما أنشأ أول أسطول بحري إسلامي لحماية الشواطيء الإسلامية من هجمات البيزنطيين.
كان صوامًا قوامًا، قال ابن عمر في قول الله تعالى: "أمَّن هو قانت أناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه" ذاك عثمان.
ومن أقواله العظيمة التي تدل على ورعه وتقواه، أنه كان يقول: ما زنيت ولا سرقت، لا في جاهلية ولا في إسلام، فكان يمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "خياركم في الجاهلية، خياركم في الإسلام إذا فقهوا".
بويع عثمان بالخلافة بعد الشورى التي تمت بعد وفاة عمر بن الخطاب سنة 23ه/ 644م، وعمره 68 عامًا، وقد استمرت خلافته نحو اثنى عشر عامًا.
جمع القرآن الكريم
وقد قام بجمع القرآن الكريم في مصحف واحد، حيث انتشر الإسلام في عهده في بلاد كثيرة وتفرق الصحابة مما أدى إلى ظهور قراءات متعددة وانتشرت لهجات مختلفة فكان الخوف من اختلاف كتابة القرآن وتغير لهجته، فجمع عثمان المسلمين على لغة قريش أي لهجة قريش وهي لهجة العرب. وتكتب الكتابة للقرآن بلسان العرب ويسمى (مصحف عثمان) أو المصحف الإمام.
لكن الخليفة الثالث، صهر النبي صلى الله عليه وسلم، وأشد الأمة حياء، جامع القرآن، الذي كان يقوم به، لقي مصرعه، وكان مقتله في 18 من ذي الحجة 35هـ على أيدي جماعة مارقة قارب عددهم الألفين، اختلفت أغراضهم وأهواؤهم غير أنهم اتفقوا جميعًا على عزله أولًا ثم على قتله بعد ذلك.
والذين تورطوا في قتله هم: كنانة بن بشر التجيبي وهو الذي ذبحه: وقيل سودان بن حمران السكوني بعد أن طعنه قتيرة السكوني تسع طعنات من خنجر، وكان الذي ابتدأ ضربه، بعد أن خشي الناس ذلك لكونه كان يقرأ القرآن، هو الغافقي بن حرب العكي، ضربه بالسيف وركل المصحف برجله فسقط في حجره.
وهؤلاء هم من أهل مصر، وشاركتهم جماعة من أهل البصرة كحرقوص بن زهير السعدي وحكيم بن جبلة، ومن أهل الكوفة جماعة مثل الأشتر مالك بن الحارث النخعي.
وقد انتقم الله تعالى لعثمان، فكل من شارك في قتله مات مقتولًا، حتى قُتل آخر رجلين منهم بعد أربعين سنة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.