رئيس التحرير
عصام كامل

الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة عبد الله بن مسعود

مشهد الوداع في حياة
مشهد الوداع في حياة عبد الله بن مسعود، فيتو

في هذه السلسلة، نتناول استعراضا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.

كان أحد السابقين إلى الإسلام، ومن فقهاء الأمة وعلمائها، ووردت العديد من الأحاديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، التي تبيّن مكانته ومنزلته وفضله.

قضى عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، حياته كلها في العبادة، والدفاع عن الإسلام، والجهاد، وفي العلم، والتفقه.

وعندما حان أجله، وأحس بقرب الرحيل، بكى.. لا جزعا، ولا خوفا من الموت، ومفارقة الدنيا، فهو لم يكن من أهل الدنيا، لكنه كان ممن قال الله فيهم: "تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ". السجدة (16)

ويروي الإمام شمس الدين الذهبي في "السير" أن عثمان بن عفان، رضي الله عنه، زاره في مرض وفاته، فقال له: ما تشتكي قال: ذُنوبي، فقال: فما تشتهي، قال: رحمة ربي. 

عبد الله بن مسعود

هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شَمْخ، الهُذَلي المكي، صحابي جليل وفقيه ومقرئ ومحدث، وأحد رواة الحديث النبوي، وهو أحد السابقين إلى الإسلام، وصاحب نعلي النبي محمد وسواكه، وواحد ممن هاجروا الهجرتين إلى الحبشة وإلى المدينة، وممن أدركوا القبلتين، وأحد أفقه الصحابة رضوان الله عليهم الذين رووا علمًا كثيرًا عن رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم.

وهو أول من جهر بقراءة القرآن في مكة. 

وقد تولى قضاء الكوفة وبيت مالها في خلافة عمر وصدر من خلافة عثمان.

كان أحد السابقين الأولين الذين أسلموا قبل دخول رسول الله، صلى الله عليه وسلم، دار الأرقم، إذ أخرج الطبراني والبزار وغيرهما عنه أنه قال: لقد رأيتني سادس ستة ما على وجه الأرض مسلم غيرنا. 

روى عنه القراءة أبو عبد الرحمن السُّلَمي وعبيد بن فُضيلة وغيرهم، واتفق البخاري ومسلم في الصحيحين على أربعة وستين حديثًا، وانفرد له البخاري بواحد وعشرين حديثًا، ومسلم بخمسة وثلاثين.

وكان رضي الله عنه لطيفا فطنا ومعدودا في أذكياء العلماء. 

ومن الصفات الخًلقية التي اتصف بها أنّه لم يكن ذا طول، وكان وزنه خفيفا جدًا، فكان آدم شديد الأدمة، نحيفًا قصيرًا دقيق الساقين.

وشارك في غزوة بدر، وأُحُد، والخندق، وبيعة الرضوان، وغيرها من الغزوات والمشاهد، وهاجر الهجرتين.

قصة إسلامه

وروى عبد الله بن مسعود الحادثة التي أسلم بسببها، حيث قال: "كنتُ غلامًا يافعًا أرعى غنمًا لعقبةَ بنِ أبي معيطٍ فجاء النبيُّ، صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ، وأبو بكرٍ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنهُ، فقالا: يا غلامُ هل عندَك من لبنٍ تسقيَنا ؟ قلت: إنّي مؤتَمنٌ ولستُ ساقيَكما. فقال النبيُّ، صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ: هل عندَك من جزعةٍ لم ينزِ عليها الفحلُ ؟ قلت: نعم فأتيتُهما بها فاعتقلها النبيُّ، صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ، ومسح الضرعَ ودعا فحفلَ الضرعُ، ثم أتاه أبو بكرٍ رضيَ اللهُ عنهُ بصخرةٍ منقعرة ٍفاحتلب فيها فشرب وشرب أبو بكرٍ ثم شربتُ ثم قال للضرعِ اقلُصْ فقلص فأتيته بعد ذلك، فقلت: علِّمني من هذا القولِ قال: إنك غلامٌ مُعلمٌ، قال: فأخذت من فيه سبعينَ سورةً لا ينازعُني فيها أحدٌ".

أول من جهر بالقرآن في مكة

لزم ابن مسعود سيدنا محمدا، صلى الله عليه وآله وسلم، في مكة، وكان أول من جهر بالقرآن في مكة بعد النبي، صلى الله عليه وآله وسلم.

وبسبب اضطهاد قريش، اضطر للهجرة إلى الحبشة لينجو بنفسه وبدينه. ثم عاد ابن مسعود بعد سنوات إلى مكة، قبل أن يغادرها مجددًا مهاجرًا إلى يثرب بعد أن أذن رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، لأصحابه بالهجرة إليها.

اقرأ أيضا: الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة الفاروق عمر بن الخطاب

آخى الرسول بينه وبين سعد بن معاذ، رضي الله عنه، بعد الهجرة إلى المدينة المنورة.

قال عن نفسه: “والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلّا أنا أعلم أين نزلت، ولا أُنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أُنزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لأتيته”.

 وأضاف قائلًا: “والله لقد أخذت مِنْ فِيْ رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، بضعًا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، أني مِنْ أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم”.

كانت غزوة الخندق من الغزوات التي شارك فيها ابن مسعود، رضي الله عنه، وثبت مع الرسول عليه الصلاة والسلام مع ثمانين آخرين من الصحابة مهاجرين وأنصارًا.

ثناء الصحابة عليه

وكان لابن مسعود العديد من المواقف مع الصحابة رضي الله عنهم، ومن ذلك ما كان من ثناء عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عليه عندما أرسله إلى الكوفة مُعلّمًا ووزيرًا، وكتب إلى أهل الكوفة مخاطبًا لهم: (إنّي قد بعثت عمار بن ياسر أميرًا، وعبد الله بن مسعود معلمًا ووزيرًا، وهما من النجباء من أصحاب رسول الله من أهل بدر؛ فاقتدوا بهما وأطيعوا واسمعوا قولهما، وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي).

وسئل الإمام علي، كرم الله وجهه،  عن أصحاب النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: عن أيهم تسألون قالوا: أخبرنا عن عبد الله بن مسعود، فقال: عُلّمَ القرءان والسُّنَّة ثم انتهى.

وقال أبو موسى الأشعري: لا تسألوني عن شىء ما دام هذا الحَبْرُ فيكم، يعني بـذلك ابـن مسعود، رضي الله عنه.

 وقال علقمة: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو بعرفة فقال: جئت يا أمير المؤمنين من الكوفة وتركت بها رجلًا يملي المصاحف عن ظهر قلبه، فغضب وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شعبتَي الرحل، فقال: من هو ويحك فقال الرجل: عبد الله بن مسعود.

من أقواله

رُوي عن ابن مسعود العديد من الحكم والمواعظ، منها: 

"اغْدُ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا أَوْ مُسْتَمِعًا، وَلاَ تَكُنِ الرَّابِعَ فَتَهْلِكَ".

"مَنْ أَرَادَ أَنْ يُكْرَمَ دِينُهُ فَلاَ يَدْخُلْ عَلَى السُّلْطَانِ، وَلاَ يَخْلُوَنَّ بِالنِّسْوَانِ، وَلاَ يُخَاصِمَنَّ أَصْحَابَ الأَهْوَاءِ".

وكانت وفاته في السنة الثانية والثلاثين من الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة، بعد أن أتمّ من عمره بضعًا وستين سنةً، وتمّ دفنه في البقيع بعد أن صلّى عليه عثمان بن عفان، رضي الله عنه. وصلى عليه صحابة رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وشيعوه، يملؤهم الحزن والأسى.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية