رئيس التحرير
عصام كامل

الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة الفاروق عمر بن الخطاب

 مشهد الوداع في حياة
مشهد الوداع في حياة الفاروق عمر بن الخطاب، فيتو

في هذه السلسلة، نتناول استعراضا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.

جاءت المؤامرة التي نفذها أبو لؤلؤة المجوسي لتكتب كلمة النهاية لفترة الاستقرار والسلم والازدهار التي شهدتها الدولة الإسلامية.
ويعد اغتيال الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، من أبشع الحوادث في تاريخ الإسلام والمسلمين، وربما لا يعرف الكثيرون أن عمر كان قد تمنى الشهادة، فاستجاب الله له.
وقد استُشهد عُمر فجر يوم 7 نوفمبر من سنة 644 ميلادية  الموافق لسنة 23 هجرية.

إسلام الفاروق وجهاده

أسلم عمر وعمره سبع وعشرين سنة، وشهد المشاهد كلها مع النبى، صلى الله عليه وسلم، وخرج فى عدة سرايا، وكان أميرا على بعضها، وهو أول من نودي "أمير المؤمنين"، وأول من كتب التاريخ، وجمع الناس على التراويح.

 الفاروق عمر بن الخطاب، فيتو
 الفاروق عمر بن الخطاب، فيتو


قال عنه كتاب "البداية والنهاية" للحافظ ابن كثير: أول من عسَّ بالمدينة، وحمل الدرة وأدَّب بها، وجلد فى الخمر ثمانين، وفتح الفتوح، ومصَّر الأمصار، وجنَّد الأجناد، ووضع الخراج، ودوَّن الدواوين، وعرض الأعطية، واستقضى القضاة، وكور الكور، مثل: السواد والأهواز والجبال وفارس وغيرها، وفتح الشام كله، والجزيرة، والموصل، وميافارقين، وأرمينية، ومصر، وإسكندرية".

طالع للمزيد: الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة السيدة فاطمة الزهراء

 

وعن ابن عباس أن رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "إن لى وزيرين من أهل السماء، ووزيرين من أهل الأرض، فوزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر، وإنهما السمع والبصر ".

وقيل إنه رضى الله عنه لما فرغ من الحج سنة ثلاث وعشرين ونزل بالأبطح، دعا الله عز وجل، وشكا إليه أنه قد كبرت سنه وضعفت قوته، وانتشرت رعيته، وخاف من التقصير، وسأل الله أن يقبضه إليه، وأن يمن عليه بالشهادة فى بلد النبى، صلى الله عليه وسلم.

وكان، رضي الله عنه، يقول: اللهم إنى أسالك شهادة فى سبيلك، وموتا فى بلد رسولك، فاستجاب له الله هذا الدعاء، وجمع له بين هذين الأمرين؛ الشهادة فى المدينة المنورة، وهذا أمر نادر.

الاغتيال

باغته أبو لؤلؤة فيروز المجوسي الأصل، الرومى الدار، وهو يُسوِّي صُفوف المُسلمين كعادته كُلَّ يومٍ في صلاة الفجر، وعند نيّته وتكبيره للصّلاة، من يوم الأربعاء لأربع بقين من ذى الحجة من هذه السنة، بخنجر ذات طرفين، فطعنه ثلاث ضربات.

وقيل: ست ضربات، إحداهن تحت سرته قطعت السفاق (أمعاءه)، فخر من قامته.
وحاول الصحابةُ إلقاء القبض على أبي لؤلؤة، ولكنّهُ قَتَل ستةً منهم، وجاءه أحدهم من خلفه وألقى عليه رداء وطرحه أرضًا، فقام أبو لؤلؤة بطعن نفسه بنفس الخنجر الذي قتل به عُمر، رضيَ الله عنه، ومات على الفور.
وحُمِل عمر إلى منزله والدم يسيل من جرحه، وذلك قبل طلوع الشمس، فجعل يفيق ثم يغمى عليه، ثم يذكرونه بالصلاة فيفيق، ويقول: نعم.. ولا حظَّ فى الإسلام لمن تركها.

ثم صلى فى الوقت، ثم سأل عمن قتله، من هو؟

فقالوا له: أبو لؤلؤة، غلام المغيرة بن شعبة.

فقال: الحمد لله الذى لم يجعل منيتى على يدى رجل يدعى الإيمان، ولم يسجد لله سجدة.

ترشيح الصحابة الستة 

فلمّا أيقن الصحابة بموته، رضيَ الله عنه، طلبوا منه اختيار خليفةً للمُسلمين من بعده، فرشَّح لهم ستّة من الصّحابة، وهم بقيّة العشرة المبشّرين بالجنّة، ليختاروا من بينهم واحدًا، ولكنّهُ استبعد منهم ابن عَمّه سعيد بن زيد، رضيَ الله عنه، كما استبعد أيضًا ابنه عبد الله، رضيَ الله عنهما؛ إبعادًا لشُبهة الوراثة في نظام الحكم الإسلاميّ.

 الفاروق عمر بن الخطاب، فيتو
 الفاروق عمر بن الخطاب، فيتو

كان عُمر قد قام قبل استشهاده خطيبًا بالنّاس، فحمد الله، وأثنى عليه، وذكر النبيّ، عليه الصّلاةُ والسّلام، وأبا بكر الصّديق، رضيَ الله عنه، وأخبرهم أنّه رأى في المنام أنّ ديكًا نقره نقرتين، وأوّله على قُرب أجله، وقيل: إنّه رأى ديكًا نقرهُ ثلاثُ نقراتٍ في بطنه، ولمّا حصل معه ما حصل من الطّعن في المسجد، أيقن بِقُرب موته، وطلب من ابنه عبدُ الله أن يُحصي ما عليه من ديون، فوجدها سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا، فطلب منه أن يسدّها من ماله ومن مال أهله، فإن لم تكفِ فمن مال عشيرته، فإن لم تكفِ فمن قُريش.

أمنية الشهادة

وكان الفاروق يدعو كثيرًا أن يرزقهُ الله الشّهادة، وأن تكون في المدينة المُنورة، ولمّا توسّعت الفُتوحات في عهده، وانتشرت رعيّته، دعا ربه قائلًا: "اللهمّ كبر سني، وضعُفت قوّتي، وانتشرت رعيّتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرّط".

وقيل: إنّه طُعن في السابع والعشرين من شهر ذي الحجّة، وعاش بعدها سبعة أيام، وقيل: ثلاثة، ودُفن يوم الأحد صبيحة هلال المُحرم، وقيل: دُفن يوم الأربعاء في السادس والعشرين من شهر ذي الحجّة، وقيل: يوم الأربعاء في السابع والعشرين.

واكن ابنه عبد الله يضع رأسه في حجره، فطلب الأب من الابن البار أن يضع رأسه على الأرض، فاستجاب لآخر مطالب الوالد الحبيب، وإذا بالفاروق، أمير المؤمنين، الذي ملأ طباق الإمبراطورية عدلا، وكان الملوك يهابونه، تنسال دموعه سخينة، وهو يتمتم: “ليت أم عمر لم تلد عمرا”. ثم فاضت روحه.
ثُمّ غُسل وكُفن، وصلّى عليه صُهيب الروميّ، رضيَ الله عنه، في مسجد الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، وقيل: إنّه صلّى عليه وهو على سريره.

دفنه

ودُفن، رضيَ الله عنه، في بيت عائشة بجوار سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، وأبي بكر، بعد أن أمر ابنه عبد الله بالذّهاب إلى عائشة، واستئذانها في دفنه بجانب صاحبيه، فأخبرها بما أخبره به والده، فقال لها: "عُمر يُقرئك السّلام، ويستأذنك بالدّفن بجانب صاحبيه، فقالت له: كُنت أُريدهُ لنفسي، ولأوثرن به اليوم على نفسي"، فرجع إلى أبيه بموافقتها على ذلك.


وعند موته خرجوا به إلى بيت عائشة ليُدفن عند صاحبَيه، وتقدّم صُهيب الروميّ فصلّى عليه، ونزل في قبره عُثمان بن عفّان، وعلي بن أبي طالب، والزُّبير، وعبد الرحمن بن عوف، وابنه عبد الله. 
فكان دفنه، رضيَ الله عنه، في الحُجرة النبويّة.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية