شباب حول الرسول، عبدُ الله "ذو البجادَين" "نزل النبي في قبره"
منذ فجر الإسلام، أحاط بـرسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، نخبةٌ من المسلمين الأوائل، في الوقت الذي آمن فيه فتيةٌ صغارُ السن بالله؛ حبًّا في النبي، وجهروا بالإسلام في شجاعة نادرة، رغم ما كان يكتنفُ البيئة المحيطة من تقديسٍ للأصنام، والأوثان، وإدمانٍ للأدران، وصمدوا بقوةٍ أمام ضغوطِ الآباءِ والأمهاتِ وعتاةِ المشركين.
تربَّوا في مدرسةِ الرسولِ، صلَّى الله عليه وآله وسلم، وحرصوا على مراقبة تصرفاته، وأنصتوا لنصائحه، وحفظوا أقواله، وفقهوا أحاديثه.
كانوا أصحابَ فكرٍ سديدٍ، فأعلنوا اتباعهم للنبي، وتمسكوا بدينهم، وبذل بعضهم روحه من أجل العقيدة، وبعضهم فاق الكبار علما وفقها وشجاعة.
إنهم "شبابٌ حولَ الرسول".
نتحدث اليوم عن سيدنا عبد الله المزني، الملقب بـ "ذي البجادين".. أسلم وعمره 16 سنة، وضحى بالثراء والرفاهية، والنعيم، من أجل الله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، ولزم باب الرسول، تنفيذا لوصيته، صلى الله عليه وسلم، وصدق في إيمانه، فاستحق أن يشيعه سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، وأن يصلي عليه، ثم ينزل في قبره، حتى تمنى كثير من الصحابة أن يكونوا مكانه.
"ذو البجادَين"
هو "ذو البجادَين" عبدُ اللهِ بنُ عبدِ نهمٍ المُزَنيُّ.
كان اسمه الأصلي قبل إسلامه “عبد العُزّى”.. عاش يتيمًا مع عمه في مكة عيشة مترفة، ووقع الإسلام في قلبه، ولم يكن عمره يتجاوز 16 عامًا، فلمّا علِم عمه وقومه بإسلامه سلبوه هذا الترف، وجردوه من كل ما عليه، وألبسوه بجادًا "الكساء الغليظ الجافي"، فخرج مهاجرًا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن هشام: إنما سمي بذي البجادين،لأنه كان ينازع إلى الإسلام فيمنعه قومه من ذلك ويضيقون عليه حتى تركوه في بجاد له ليس عليه غيره.
أمه: جهمة بنت الحارث بن اليقظان الهَمدانيِّة.
إسلام ذي البجادين
أقبل على الرسول، صلى الله عليه وسلم، وكان اسمه "عبد العُزَّى"، فسماه رسول اللَّه بـ "عبد اللَّه"، ولقبّه بـ "ذو البجادين"، ذاك أنه لمّا أسلم وهرب من قومه إِلَى رسول اللَّه، صلَى اللَّه علَيه وآله وسلَّم، فلما كان قريبًا منه شق بجاده باثنين، فاتزر بأحدهما وارتدى بالآخر، ثم أتى رَسُول اللَّه، صَلَّى اللَّه علَيه وسَلَّم، فقيل له: ذو البجادين، وقيل: إن أمه أعطته بجادًا فقطعته قطعتين، فأتى فيهما رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّمَ.
وصحب رَسُول اللَّه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأقام معه، وكان عابدا، أوَّاها، فاضلًا كثير التلاوة للقرآن الكريم.
روي أنه: كان عَبْد اللَّهِ، رجل من مزينة، ذو البجادين، يتيمًا في حجر عمه، فكان يعطيه، وكان محسنًا إليه، فبلغ عمه أَنَّهُ قد تابع دين مُحَمَّد، فقال له: لئن فعلت وتابعت دين مُحَمَّد لأنزعن منك كل شيء أعطيتك، قال: فإني مسلم، فنزع منه كل شيء أعطاه حتى جرده من ثوبه، فأتى أمه فقطعت بجادًا لها باثنين، فاتزر نصفًا، وارتدى نصفًا، ثم أصبح فصلى مع رَسُول اللَّه، صلى الله عليه وسلم، الصبح (هاجر إلى المدينة المنورة، ووصل في الصباح)، فلما صلى رَسُول اللَّه، صلى الله عليه وسلم، تصفح الناس ينظر من أتاه، وكان يفعل، فرآه رَسُول اللَّهِ فقال: "من أنت؟ "، قال: أنا عبد العزى، فقال: "أَنتَ عَبْد اللَّهِ ذو البجادين، فالزم بابي"، فلزم باب رسُول اللَّه صلَّى اللَّهُ علَيه وسلَّم، والتسبيح والتكبير، فقال عمر: يا رَسُول اللَّهِ، أمراءٍ هو؟ قال: "دعه عنك، فإنه أحد الأواهين".
اقرأ للمزيد: شباب حول الرسول، "عمير بن سعد، برأه الله في القرآن"
وقيل إنه لما كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مهاجرا إلى المدينة وسلك ثنية الغابر (في الطريق إلى المدينة) وعرت عليه الطريق وغلظت، فأبصره ذو البجادين، فقال لأبيه: دعني أدلهم على الطريق، فأبى، ونزع ثيابه فتركه عريانا، فاتخذ عبد الله بجادا من شعر فطرحه على عورته، ثم عدا نحوهم فأخذ بزمام راحلة رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
ورُوي أنه كان يكون مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وفي حجره، فكان إذا قام يصلي من الليل جهر بالدعاء والاستغفار والتمجيد.
وتُوفي في غزوة تبوك، التي توفيت فيها أيضا، السيدة أم كلثوم بنت رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، زوجة سيدنا عثمان.
وفاته ونزول الرسول، صلى الله عليه وسلم، في قبره
وتُوُفيّ في حياة رَسُول اللَّه، صلى الله عليه وسلم.
روى الأعمش، عن أَبِي وائل، عن عَبْد اللَّهِ بْن مسعود، أَنَّهُ قال: لكأني أرى رَسُول اللَّه، صلى الله عليه وآله وسلم، في غزوة تبوك، وهو في قبر عَبْد اللَّهِ ذي البجادين، وَأَبُو بكر وعمر يدليانه، ورسول اللَّه، صلى الله عليه وسلم، يقول: "أدنيا مني أخاكما"، فأخذه من قبل القبلة حتى أسنده في لحده.
ثم خرج رَسُول اللَّه، صلى الله عليه وسلم، ووليا هما العمل، فلما فرغ من دفنه استقبل القبلة رافعًا يديه يقول:"اللهم إني أمسيت عنه راضيًا فارض عنه"، قال: يقول ابن مسعود: فوالله لوددت أني مكانه، ولقد أسلمت قبله بخمس عشرة سنة.
وقيل إنهم لما حملوه، قال النَّبِي، صلَّى اللَّه عَلَيهِ وَسلم: "ارفقوا به، رفق اللَّه بكم، فإنه كان يحب اللَّه ورسوله".
وقيل في رواية أخرى أن أبا بكر قال: "وددت أني، والله، صاحب القبر".
وروي أنه لما كان في غزوة تبوك خرج مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فمات، فقال ابن مسعود: إذا بنار ليلا من ناحية المعسكر، فقلت: ما هذا؟ فانطلقت فإذا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر ما معهم رابع، قال: فإذا ذو البجادين قد مات ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، في القبر في مكان دفنه وهو يقول: "دليا إلي أخاكما" (أي أنزلاه) قال: فأضجعه الرسول بشقه ثم قال: «اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه، اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه، اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه".
قال: فقال ابن مسعود: فيا ليتني كنت مكانه في حفرته.
وعن عقبة بن عامر، رضي الله عنه، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال لرجل يقال له ذو البجادين: إنه أواه وذلك أنه كان يكثر ذكر الله بالقرآن والدعاء. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أدخل ميتًا القبر، وقال: رحمك الله إن كنت لأواها تلاء للقرآن، والأواه هو الخاشع المتضرع.
ولم ينزل رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، في قبر أحد قط إلا في خمسة قبور، منها قبور ثلاث نسوة، وقبرا رجلين، منها قبر بمكة، وأربعة بالمدينة: قبر خديجة زوجته، وقبر عبد الله المزني الذي يقال له: عبد الله ذو البجادين، وقبر أم رومان أم عائشة بنت أبي بكر، وقبر فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
