شباب حول الرسول، أسعد بن زرارة "أول من أسلم من الأنصار"
منذ فجر الإسلام، أحاط بـرسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، نخبة من المسلمين الأوائل، في الوقت الذي آمن فيه فتية صغار السن بالله حبًّا في النبي، وجهروا بالإسلام في شجاعة نادرة، رغم ما كان يكتنف البيئة المحيطة من تقديس للأصنام، والأوثان، وإدمان للأدران، وصمدوا بقوة أمام ضغوط الآباء والأمهات وعتاة المشركين.
تربوا في مدرسة الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، وحرصوا على مراقبة تصرفاته، وأنصتوا لنصائحه، وحفظوا أقواله، وفقهوا أحاديثه.
كانوا أصحاب فكر سديد، فأعلنوا اتباعهم للنبي، وتمسكوا بدينهم، وبذل بعضهم روحه من أجل العقيدة، وبعضهم فاق الكبار علما وفقها وشجاعة، فاستحقوا أن يكونوا قدوة للأجيال الشابة التالية.
إنهم "شباب حول الرسول".
حديثنا اليوم حول شاب عبقري، ذي كاريزما جعلته أصغر قائد لقومه.. أحب الله ورسوله، وأخلص في إيمانه.
كان أول من أسلم من الأنصار، ومات بعد أشهر من إسلامه، فاستحق أن يحضر رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وكفنه، ثم تقدم جنازته، ودفنه في البقيع، فهنيئًا له الجنة.. هو أسعد بن زرارة الأنصاري، وكنيته أبو أمامة، هو أول الأنصار إسلاما، صحابي جليل، قديم الإسلام، شهد العَقَبتَين، وكان النقيب الأصغر سنًّا على قبيلته. كان لقبه “نقيب بني النجار”.
كما أنه أول من بايع ليلة العقبة، وأول من توفي من الصحابة بعد الهجرة النبوية مباشرة، حيث توفي والنبي، صلى الله عليه وسلم، يبني مسجده قبل بدر.
يعتبر أسعد بن زرارة الخزرجي من كبراء الصحابة رضوان الله عليهم، آمن فقدّم في أقل من ثلاث سنوات، وقبل أن يُقبض، أعمالا عظيمة جليلة ساهمت في نشر الإسلام وتأسيس قاعدته في المدينة، ثم أعمالا عظيمة أخرى في النصرة والبيعة وإقامة الدولة.
وهو الذي أقام أول جمعة في المدينة في منطقة "هزم النبيت" من "حرة بني بياضة"، في نقيع يقال له "نقيع الخضمات".
فعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، وكان يقود أباه بعد ما ذهب بصره، أن كعب بن مالك كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة، فقلت له: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة؟ قال: لأنه أول من جمع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال له نقيع الخضمات.. قلت: كم أنتم يومئذ؟ قال: أربعون. وكان ذلك قبل الهجرة.
إيمان الخزرج برسول الله
ما أن أمر الله عز وجل النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، بإظهار الإسلام، حتى أخذ الرسول يعرض نفسه على القبائل في كل موسم من المواسم، حتى جاء عند العقبة فقابل رهطا أي مجموعة من الأشخاص وكانوا من الخزرج، فقال لهم النبي: أمن موالي اليهود؟ قالوا: نعم.
قال النبي: ألا تجلسون أكلمكم؟ قالوا: بلي تفضل، فجلسوا جميعًا وبدأ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعرض الدين الإسلامي عليهم، ودعاهم إليه، ثم قرأ عليهم بعض الآيات القرآنية فلما انتهى تشاوروا فيما بينهم، وقالوا: يا قوم تعلمون والله أنه نبي من عند الله الذي أوعدكم به يهود، فلا يسبقنكم إليه.
وأخبروه بأنهم صدَّقوه وآمنوا به، وكان أول من أسلم منهم هو أبو أمامة أسعد بن زرارة، وكان من الخزرج.
وكانوا ستة نفر من الخزرج، من بينهم أبو أمامة أسعد ابن زرارة، وهو أول من أسلم من الأنصار من الخزرج.
قصة إسلام أسعد
خرج أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد قيس إلى مكة، وبالتحديد إلى عتبة بن ربيعة، فسمعا برسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، فأتياه فعرض عليهما الإسلام، وقرأ عليهما القرآن، فأسلما ولم يقربا عتبة بن ربيعة، ورجعا الى المدينة فكانا أول من قدم بالإسلام بالمدينة.
وكان عتبة بن ربيعة صديقًا لسعد بن معاذ قبل إسلامه، فكان عتبة عندما يذهب إلى المدينة المنورة، ينزل ضيفًا عند سعد، وكان سعد عندما يذهب إلى مكّة المكرّمة، ينزل ضيفًا عند عتبة.
اقرأ أيضا: شباب حول الرسول، خالد بن سعيد "أول مَن كتب بسم الله الرحمن الرحيم"
وكان بن ربيعة يلقب بريحانة قبيلة قريش، وهو الذي أنزل الله تعالى فيه آيةً، قال تعالى: "وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ".
ولقب بـ "نقيب بني النجار".
وأما وفاته: فقد ذكر محمد ابن إسحاق، أنه لم يعش وقتًا طويلاَ بعد هجرة الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، فقد مات أثناء بناء المسلمون لمسجد النبي، صلى الله عليه وسلم، بالمدينة فقد أخذته الذبيحة "الذبحة الصدرية".
وجاء بنو النجار إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وقالوا: يا رسول الله مات نقيبنا فنقب علينا، فقال، صلى الله عليه وآله وسلم: "أنا نقيبكم".
كان أسعد بن زرارة كان أول من توفي من الصحابة بعد هجرة النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، مباشرة، وأنه أول من صلى عليه، الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم.
من مناقب بن زرارة
هو القائل: "يا رسول الله، دماؤنا دون دمك، وأيدينا دون يدك، نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأبناءنا ونساءنا".
وأخذ أسعد بن زرارة بيد رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، ليلة العقبة فقال: "يا أيها الناس، هل تدرون على ما تُبايعون محمدًا؟ إنكم تبايعونه على أن تحاربوا العرب والعجم، والجنّ والإنس مُجِلِبَةً"، فقالوا: "نحن حرب لمن حارب وسلم لمن سالم"، فقال أسعد بن زرارة: "يا رسول الله اشترط عليّ"، فقال الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم: "تبايعوني على أن تشهدوا ألا إله إلا الله، وأني رسول الله، وتقيموا الصلاة، وتُؤْتُوا الزكاة، والسمع والطاعة، ولا تنازعوا الأمر أهله، وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأهليكم". قالوا: نعم، قال قائل الأنصار: "نعم، هذا لك يا رسول الله، فما لنا ؟". قال: "الجنّة والنصر".
وعن كعب بن مالك قال: "كان أسعد أول من جمّع بنا بالمدينة قبل مقدم النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، في حرّة بني بَيَاضة في نقيع الخَضِمات.
وكان أسعد بن زرارة وعُمارة بن حزم وعوف بن عفراء لمّا أسلموا كانوا يكسرون أصنام بني مالك بن النجار.
مواقف خالدة
روى الإمام أحمد بسنده عن جابر، قال: مكث رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة، وفي المواسم بمنى يقول: "من يؤويني من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة"، حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر كذا، قال فيأتيه قومه فيقولون: احذر غلام قريش لا يفتنك ويمشي بين رجالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع حتى بعثنا الله إليه من يثرب، فآويناه وصدقناه فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن، فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام ثم ائتمروا جميعًا، فقلنا: حتى متى نترك رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، يطرد في جبال مكة ويخاف، فرحل إليه منا سبعون رجلًا حتى قدموا عليه في الموسم، فواعدناه شعب العقبة فاجتمعنا عليه من رجل ورجلين حتى توافينا، فقلنا: يا رسول الله نبايعك، قال: “تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل والنفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافون في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة.
قال: فقمنا إليه فبايعناه، وأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو من أصغرهم، فقال: رويدًا يا أهل يثرب فإنا لم نضرب أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وإن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك وأجركم على الله، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم خبيئة فبينوا ذلك فهو عذر لكم عند الله، قالوا: أمط عنا يا أسعد، فوالله لا ندع هذه البيعة أبدًا ولا نسلبها أبدًا، قال: فقمنا إليه فبايعناه، فأخذ علينا وشرط، ويعطينا على ذلك الجنة.
وكان سعد يسعى مع مصعب بالمدينة، ويتضح ذلك في قصة إسلام أسيد بن حضير وسعد بن معاذ رضي الله عنهما وعنه وعن صحابة رسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، جميعًا.
أما في بيعة العقبة الثانية، فيقول جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما: فقمنا نبايعه، أي رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، فأخذ بيده أسعد بن زرارة، وهو أصغر السبعين.
وفاته
قال محمد بن إسحاق: "وتوفي في تلك الأشهر، أي بعد الهجرة مباشرة، أبو أمامة أسعد بن زرارة، والمسجد يبنى، أي مسجد الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، أخذته الذبحة أو الشهقة، رحمه الله ورضي عنه".
لمّا توفي أسعد بن زرارة حضر رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، غُسْلَه، وكفّنه في ثلاثة أثواب منها بُرد، وصلى عليه، ورُئي رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، يمشي أمام الجنازة، ودفنه بالبقيع.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.