رئيس التحرير
عصام كامل

شباب حول الرسول، رافع بن خديج "أصغر الرماة في أُحُد"

رافع بن خديج أصغر
رافع بن خديج "أصغر الرماة في أُحُد"، فيتو

منذ فجر الإسلام، أحاط بـرسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، نخبة من المسلمين الأوائل، في الوقت الذي آمن فيه فتية صغار السن بالله حبًّا في النبي، وجهروا بالإسلام في شجاعة نادرة، رغم ما كان يكتنف البيئة المحيطة من تقديس للأصنام، والأوثان، وإدمان للأدران، وصمدوا بقوة أمام ضغوط الآباء والأمهات وعتاة المشركين.

تربوا في مدرسة الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، وحرصوا على مراقبة تصرفاته، وأنصتوا لنصائحه، وحفظوا أقواله، وفقهوا أحاديثه.

كانوا أصحاب فكر سديد، فأعلنوا اتباعهم للنبي، وتمسكوا بدينهم، وبذل بعضهم روحه من أجل العقيدة، وبعضهم فاق الكبار علما وفقها وشجاعة.

إنهم "شبابٌ حولَ الرسول".

نتناول اليوم مشاهد رائعة من حياة وجهاد أحد أصغر الصحابة الذين ألحوا، هم وأهلهم، على سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، لكي يقبلهم ضمن الجيش في بدر، ثم أحد، إلى أن سمح له بالمشاركة.

هو رافع بن خديج بن رافع بن عدي بن زيد بن الأوس الأنصاري الحارثي، كنيته "أبو عبدالله"، شهد أُحدًا والخندق، أحد أصغر صحابة النبي، صلى الله عليه وسلم، فقد كان عمره لا يتجاوز الثانية عشرة حينما هاجر النبي، صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى المدينة المنورة.

في غزوة بدر

عندما بلغ رافع الثالثة عشرة، أراد أن يشارك في غزوة بدر لقتال مشركي قريش، فعرض نفسه على رسول الله، طالبًا أن يجيزه للقتال، إلا أن الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، أشفق عليه لصغر سنه، ورده ولم يجزه، وهو ما جعله يحزن حزنًا شديدًا.

طالع: شباب حول الرسول، أبو جندل بن سهيل “الطائع للرسول والصابر على العذاب”

 

في غزوة أُحُد كرر رافع بن خديج المحاولة ثانية، تقدم بين يدي رسول الله، يحمل حربة، ويحركها بيمينه حركات بارعة، وقال للرسول، صلى الله عليه وسلم: "إني كما ترى رامٍ، أجيد الرمي، فأذنْ لي.."، وحيَّا الرسول هذه البطولة الناشئة، النضرة، بابتسامة راضية، ثم أذِن له.

في غزوة أُحُد

وأمام إصراره على الجهاد في سبيل الله أجازه النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصابه أثناء المعركة (يوم أحد) سهمٌ، فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "إن شئت نزعت السهم وتركت القطيفة (أي نصل السيف)، وشهدت لك يوم القيامة أنك شهيد"، فنزع السهم وبقي النصل.

بعد أحد، شارك رافع في جميع الغزوات بجوار الرسول، صلى الله عليه وسلم، وكان فتى يافعا، وقد حرص على العمل الصالح، والجمع بين الجهاد والعبادة، وطلب العلم، فلازم النبي، صلى الله عليه وسلم، وكان ينصت لتعليماته وتوجيهاته ويحفظها ويطبقها، كما حرص على رواية الأحاديث.

من فقهاء الأحداث

وكان عبد الله بن عمر، ورافع بن خديج يعدان من فقهاء الأحداث (صغار السن من الصحابة).

ومن الأحاديث النبوية التي رواها رافع؛ عن رافع بن خديج الأنصاري، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "العامل بالحق على الصدقة كالغازي في سبيل الله، حتى يرجع إلى بيته".

في هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ، صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "العامِلُ على الصَّدَقةِ"، أي: الذي سعَى إليها ليَجْمَعَها مِن أهلِها، "بالحقِّ"، أي: بالصِّدْقِ والإخلاصِ، ولَم يَخُنْ في تلك الصَّدَقاتِ، "كالغازي في سبيلِ اللهِ"، أي: كان أَجْرُه كأجْرِ المُجاهِدِ في سبيلِ اللهِ تعالى، "حتَّى يَرْجِعَ إلى بيتِهِ"، أي: يكونُ له الثَّوابُ والأجرُ حال ذَهابِه وإيابِه.

قال ابن سعد في طبقاته، عن زياد بن ميثاء، أنه قال: كان ابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وجابر بن عبد الله، ورافع بن خديج، وسلمة بن الأكوع، وأبو واقد الليثي، مع أشباهٍ لهم، من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يفتون بالمدينة، ويحدثون عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من لَدِن توفي عثمان إلى أن توفوا، رضي الله عنهم.

موقف بطولي

ولما حُوصر عثمان بن عفان، رضي الله عنه وأرضاه، يوم الدار، عطش، فقال: واعطشاه، فقام رافع بن خديج هو وابناه: عبد الله، وعبيد الله، وغلمان أصابهم بأصبهان حين فتحوها، فتسلح وتسلحوا، فقال: والله لا أرجع حتى أصل إليه.

روى رافع بن خديج عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قوله: "إن إبراهيم حرَّم مكة، وإني أُحرم ما بين لابتيها"، وعن رافع قال: قيل: يا رسول الله، أي الكسب أطيب؟ قال صلى الله عليه وسلم: "عمل الرجل بيده، وكل بيعٍ مبرور".

نزل فيه قرآن

وكان رافع بن خديج من الرجال الذين نزل فيهم قرآن، وذلك في موقف مع زوجته أم عميس، فقد نزل فيه قوله تعالى: "... فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ"، "سورة النساء: الآية 128".

فقد كان رافع متزوجا من أم عميس بنت محمد بن أسلم، حتى إذا كبرت تزوج عليها فتاةً شابة، وآثر عليها الشابة، فناشدته الطلاق فطلقها تطليقة، ثم أمهلها حتى إذا كادت تحل راجعها، ثم عاد فآثر عليها الشابة، فناشدته الطلاق، فقال لها: ما شئتِ، إنما بقيت لكِ تطليقة واحدة، فإن شئتِ استقررت على ما ترين من الأثرة، وإن شئت فارقتك، فقالت: لا، بل أستقر على الأثرة، فأمسكها على ذلك، فكان ذلك صلحهما.

أنجب الصحابي رافع بن خديج، رضي الله عنه، عشرة أولاد، هم: عبيد، وعبد الله، ومعروف، وعبيد الله، ورفاعة، وسهل، وعبد الرحمن، وعبد الحميد، وإبراهيم، وأُسَيد.

ظل نصل السهم الذي أصابه يوم أُحُد في جسد رافع، حتى انتقضت جراحته في زمن عبد الملك بن مروان، فتُوفي سنة 74 هجرية، وهو ابن ست وثمانين سنة.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية