رئيس التحرير
عصام كامل

شباب حول الرسول، عبد الله بن أبي بكر "دورٌ خالدٌ في الهجرة النبوية"

عبد الله بن أبي بكر
عبد الله بن أبي بكر "دورٌ خالدٌ في الهجرة النبوية"، فيتو

منذ فجر الإسلام، أحاط بـ رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، نخبة من المسلمين الأوائل، في الوقت الذي آمن فيه فتية صغار السن بالله حبًّا في النبي، وجهروا بالإسلام في شجاعة نادرة، رغم ما كان يكتنف البيئة المحيطة من تقديس للأصنام، والأوثان، وإدمان للأدران، وصمدوا بقوة أمام ضغوط الآباء والأمهات وعتاة المشركين.

تربوا في مدرسة الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، وحرصوا على مراقبة تصرفاته، وأنصتوا لنصائحه، وحفظوا أقواله، وفقهوا أحاديثه.

كانوا أصحاب فكر سديد، فأعلنوا اتباعهم للنبي، وتمسكوا بدينهم، وبذل بعضهم روحه من أجل العقيدة، وبعضهم فاق الكبار علما وفقها وشجاعة، فاستحقوا أن يكونوا قدوة للأجيال الشابة التالية.

إنهم "شباب حول الرسول".

عبد الله بن أبي بكر علمٌ من أعلام الإسلام، ابن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، وأخو زوجة رسول الله، صلى الله عليه وسلم.. خلّد التاريخ اسمه جراء ما قدم من التضحيات في قصة الهجرة، ونال الشهادة التي يتمناها كل مؤمن، وقد صدق الله فصدقه الله، وهو ابن أقرب الرجال إلى رسول الله، صلى الله الله عليه وآله وسلم.

هو عبد الله بن عتيق بن عثمان، وهو عبد الله بن أبي بكر الصديق.

والده هو أبو بكر الصديق بن أبي قحافة، وهو خليفة رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وآله وسلّم، الأول، وأمه قتيلة بنت عبد العزّى.

وُلد عبد الله بن أبي بكر، رضي الله عنه، قبل الهجرة.

 أما عن إخوة عبد الله بن أبي بكر، رضي الله عنهما، فهم: أسماء بنت أبي بكر الصديق (ذات النطاقين).. محمد بن أبي بكر الصديق.. أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق.. أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق.. عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق.

قصة حب

تزوّج عبد الله بن أبي بكر، رضي الله عنه، من عاتكة بنت زيد، وهي بنت زيد بن عمرو بن نفيل القرشية العدوية، أخت سعيد بن زيد، رضي الله عنه، وهي من الصحابيات المهاجرات، وقد كانت حسناء جميلة ذات خلق.

تزوّج عاتكة وكان بها مُعجبًا فشغلته عن أموره، فقال له أبوه: طلِّقها فطلَّقها ثم ندم.. فرقَّ له أبو بكر، فأمره بمراجعتها (فراجعها) ومات وهي عنده.

وفي التفاصيل: 

 أحبّ عبد الله بن أبي بكر، رضي الله عنهما، زوجته عاتكة حبًا شديدًا، حتى غلبت عليه نفسه وشغلته عن المغازي وغيرها، فأمره والده أبو بكر، رضي الله عنهما، بطلاقها.

 فقال عبدالله بن أبي بكر في عاتكة شعرا، حيث أخذ يردّد:

 "يقولون طلقها وخيم مكانها.. مقيمًا تمني النفس أحلام نائم 

وإن فراقي أهل بيت جميعهم.. عَلَى كثرة مني لإحدى العظائم

 أراني وأهلي كالعجول تروّحت.. إلى بوّها قبل العشار الروائح".

 فأصرّ والده عليه حتى طلّقها وهو يقول:

"أعاتك لا أنساك مَا ذر شارق.. وما ناح قمري الحمام المطوق 

أعاتك قلبي كل يوم وليلة إليك.. بما تخفي النفوس معلق 

ولم أرَ مثلي طلق اليوم مثله.. ولا مثلها فِي غير جرم تطلق 

لَهَا خلق جزل ورأي ومنصب.. وخلق سويٌ فِي الحياء ومصدق".

 فسمعه والده أبو بكر، رضي الله عنه، فرقّ قلبه له، فأمره فارتجعها، فقال ابنه حين أرجعها:

"أعاتك قد طلقت فِي غير ريبة.. وروجعت للأمر الَّذِي هُوَ كائن

 كذلك أمر اللَّه غاد ورائح.. عَلَى الناس فيه ألفة وتباين 

وما زال قلبي للتفرق طائرًا.. وقلبي لما قد قرب اللَّه ساكن 

ليهنك أني لا أرى فيه سخطة.. وأنك قد تمت عليك المحاسن 

وأنك ممن زين اللَّه وجهه.. وليس لوجه زانه اللَّه شائن".

إسلام عبدالله ودوره في هجرة الرسول 

كان إسلام عبد الله بن أبي بكر مبكرًا، وكان دوره مهمًا جدًا في الهجرة النبوية. فقد كان يراقب تحركات قريش في بحثها عن سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وأبيه أثناء تواجدهما في غار ثور، ونقل أخبار قريش إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، حيث كان يجلس في مجالس قريش في الصباح ويذهب إلى الغار في المساء، وهذا ساعد في رسم خطة دقيقة للهجرة، وعدم تعريض الرسول، صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر الصديق، رضي الله عنه، أنفسهما للخطر.

وكان يُحضِّر لهما الطعام ليلًا، ويؤنس وحشتهما في الغار. 

 

اقرأ أيضا: شباب حول الرسول، عبد القدوس الإسرائيلي "خادم سيدنا محمد"

 

وفي قصة الهجرة عن عائشة، قالت: وكان عبد الله بن أبي بكر يأتيهما بأخبارِ قريش وهو غلام شابّ فطِن، فكان يبيت عندهما ويخرج من السحَر فيصبح مع قريش. 

وَذَكَرَ الطَّبَريُّ في "تاريخه" أن عبد الله بن أُرَيقط الدئلي الذي كان دليلَ النبي، صَلَّى الله عليه وسلم، لما رجع بعد أن وصل النبيّ، صَلَّى الله عليه وسلم، إلى المدينة أخبر عبد الله بن أبي بكر الصديق بوصول أبيه إلى المدينة، فخرج عبد الله بعيال أبي بكر، وصحبتهم طلحة ابن عبيد الله حتى قدموا المدينة.

وقد روى عبد الله بن أبي بكر، رضي الله عنه، حديثًا واحدًا عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: قَالَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا بَلَغَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ خَمْسِينَ سَنَةً صَرَفَ اللهُ عَنْهُ ثَلَاثَةً أَنْوَاعٍ مِنَ الْبَلَاءِ: الْجُنُونَ، وَالْجُذَامَ، وَالْبَرَصَ، فَإِذَا بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً رَزَقَهُ اللهُ الْإِنَابَةَ إِلَيْهِ، فَإِذَا بَلَغَ سَبْعِينَ سَنَةً مُحِيَتْ سَيِّئَاتُهُ وَكُتِبَتْ حَسَنَاتُهُ، فَإِذَا بَلَغَ تِسْعِينَ سَنَةً غَفَرَ اللهُ لَهُ ذَنْبَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ وَمَا تَأَخَّرَ، وَكَانَ أَسِيرَ اللهِ فِي الْأَرْضِ، وَشَفَعَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ".

الغزوات التي شارك فيها عبد الله هي: فتح مكة عام 8 هجري.. معركة حنين سنة 8 هجري بين المسلمين وهوازن وثقيف من قبائل العرب.. حصار الطائف سنة 8 هجري، والتي حاصر الرسول، صلى الله عليه وسلم، فيها هوازن وثقيف في الطائف، وقد استُشهد، رضي الله عنه، فيها.

وفاته

تُوفي عبد الله بن أبي بكر، رضي الله عنه، في شوال سنة 11 هـ بعد وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم، بأربعين يومًا، حيث جُرح عبد الله بن أبي بكر، رضي الله عنه، في يوم الطائف، وذلك عندما ذهب النبي، صلى الله عليه وسلم، لحصار هوازن وثقيف في الطائف ونصب المنجنيق مدة 40 يومًا، فرماه أبو محجن الثقفي بسهم، وبقي يتألم منه ثم اندمل الجرح، ثم توفّي على إثر ذلك الجرح، في خلافة أبيه، بعد انتقال رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، بأربعين ليلة، ونزل حفرته (قبره) عمر، وطلحة، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وذلك في شوّال من سنة إحدى عشرة. وكان يُعَدُّ من شهداء الطّائف.

حكاية الكفن

وقد جاء في بعض الروايات أن عبد الله بن أبي بكر  كان قد اشترى حلة (كفن) كان قد اشتُري للنبي، صلى الله عليه وآله وسلم، حتى يُكفّن به ثم تُرِكت، فاشتراها عبد الله وقال: "لأحبسنها حتى أكفن فيها نفسي، ثم قال: لو رضيها الله عز وجل لنبيه لكفنه فيها، فباعها وتصدق بثمنها".

وقيل إن هذه الحلّة كانت أصلًا لعبد الله بن أبي بكر، كان قد ابتاعها حيث أَرادوا أَن يُدْفَنَ فيها رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، بسبعة دنانير، فلم يكفن فيها رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، فتركها لنفسه ليكفن فيها، فلما حضرته الوفاة قال: لا تكفنوني فيها، فلو كان فيها خير لكُفِّن فيها رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم. ودفن بعد الظهر، وصلى عليه أَبوه.

عن عائشة، قالت: كفن رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم في بردى حبرة حتى مَسَّا جلده ثم نزعهما، فأمسكهما عبد الله ليكفّن فيهما، ثم قال: وما كنت لأمسك شيئًا منع الله رسولَه منه فتصدق بهما.

(والمعروف أن رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، كُفِّن في ثيابه).

فراق الزوج الحبيب

كان فراق عبد الله بن أبي بكر صعبًا جدًا على قلب زوجة عبدالله بن أبي بكر، حيث كان يُحبّها حبًّا شديدًا وهي تعلم ذلك، حتى أنه اشترط عليها أن لا تتزوج بعده مقابل أن يكتب لها مالًا أو أرضًا، وهذا بسبب غيرته عليها وحبه الشديد لها، وكان يريد أن تكون زوجته في الآخرة، وحين استشهد رثته زوجته عاتكة بشعرٍ حسن، حيث قالت في زوجها الحبيب، عبد الله:

"رزئت بخير الناس بعد نبيهم.. وبعد أبي بكر وما كان قصرا 

فآليتُ لا تنفك عيني حزينةً عليك.. ولا ينفكُ جلدي أغبرا 

فلله عينا من رأى مثله فتى أكر.. وأحمى في الهياج وأصبرا 

إذا شرعت فيه الأسنة خاضه إلى.. الموتِ حتى يترك الرمح أحمرا". 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية