التيجاني والإخوان.. وجهان لعملة واحدة
حملة مسعورة تشارك فيها أطراف متعددة، بعضها عن جهل، وبعضها عن سوء نية، على الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، والتصوف في آن واحد! لماذا؟! أما عن مشروعية، وضرورة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وكافة المناسبات والأعياد الدينية فقد تكفلت بها المؤسسة الدينية في مصر، ممثلة في الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف، ودار الإفتاء.
الهجوم الضاري على التصوف
وبالنسبة للهجوم الضاري على التصوف، فمعظمه وراءه حقد دفين، وضغائن، ضد الدولة والنظام في مصر، واهتمام الحكومة بمساجد وأضرحة آل بيت سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فهم يهاجمون التصوف، قاصدين النيل من النظام، وهؤلاء معظمهم من السلفية المتشددين والإخوان الإرهابيين.
أما عن طابور الجهال الذين انساقوا وراء المهاجمين، وحشروا أنفسهم مع معارضي التصوف، متذرعين بأنه لا وساطة بين العبد وربه، فإنني أقول لهم: اهدأوا، وتعقلوا، وتروُّوا.. فهل نتهم الإسلام كله بالتطرف والإرهاب بسبب انتساب جماعات منحرفة مثل القاعدة، وداعش، وحركة الشباب، وباكو حرام، وغيرها، إليه، مثلما يحاول الغرب إلصاق تلك التهم الباطلة بالدين السمح؟!
أم نتهمه بأنه دينٌ يأمر أتباعه باقتناء الحريم، وإدمان الجنس، وتعدد الزوجات لمجرد أن بعض المشايخ ودعاة السوشيال ميديا، ومشاهير اليوتيوب والتيك توك تزوجوا بأربع نساء، وبعضهم يحرص على التغيير بحيث لا تبقى في عصمته واحدة لفترة طويلة.. وهناك من نجوم الدعاة من لا يتزوج إلا مشهورات ونجمات مجتمع.
قبل فترة ليست بالطويلة، انتشرت حوادث التحرش بالفتيات، بل وبالرجال، في عيادات أطباء الأسنان، فهل نصم كل أطباء الأسنان بتلك التهمة الوضيعة؟!
تصرفات فردية، واتخذت الأجهزة المعنية شئونها نحوها، وانتهى الأمر.. المخطئ نال عقابه عن جرمه، والضحية استحقت التعاطف، والتعويض المناسب.
باختصار؛ الإخوان الإرهابيون والتيجاني المتهم بالتحرش، وجهان لعملة واحدة، الإرهابيون ينتهزون أي فرصة لمهاجمة النظام، والمتهم منحهم الفرصة وأعطاهم السلاح لشن حملتهم المسعورة ضد التصوف، مستهدفين هدم الدولة نفسها.
التصوف يلتزم بأطر الشرع الحنيف
التصوف توجه روحاني سامٍ، يلتزم بأطر الشرع الحنيف، ولا يجاوزها قيد أنملة.. وهو مزيجٌ من الإيمان وحب الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم، وآل بيته، والزهد، والتسامح، والتراحم، والقناعة، والورع، والتقوى التي لخصها الإمام عليُّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، في أنها "العمل بالتنزيل، والخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والاستعداد ليوم الرحيل".
أوصانا مشايخُنا الأفاضل، الذين يحرصون على عدم الظهور، ويتجنبون وسائل الإعلام، والسوشيال ميديا؛ لأن عملهم خالص لوجه الله تعالى، لا رياء فيه ولا سمعة، بأن نجعل همنا، وهدفنا في كل خطوة وفي كل تصرف، هو ابتغاء وجه الله، وأن نحرص على أن تكون الدنيا في أيدينا لا في قلوبنا.
وحذرونا من الغيبة والنميمة، والخوض في أعراض الآخرين، وعلمونا أن العبرة بالخواتيم، فلربما أحسن إنسان وعبد الله طوال حياته، ثم أساء في نهاية عمره، أو كانت نيته غير صادقة، فيكون مصيره غير ما تمنى، والعكس صحيح.
الصالحون الذين أتحدث عنهم، ويرفضون ذكر أسمائهم، يفتحون أبوابا للرزق لعشرات المحتاجين، وينفقون على طلاب أيتام، ويتولون نفقات بيوت توفي عوائلها.. كل هذا يتم سرًّا، ودون أن تعلم شماله ماذا تنفق يمينه.
التصوف الحقيقي هو علم الأخلاق
عن التصوف، قال العالم الجليل أسامة الأزهري: التصوف الحقيقي هو علم الأخلاق.. علم التزكية.. تزكية النفس بأنوار الشريعة.. هو ركن الإحسان الذي ذكر في حديث سيدنا جبريل، عندما سأل عن الإسلام والإيمان والإحسان، وقال: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.. وليس الدجل والخرافات. وقال عنه الإمام الجنيد: علمنا هذا مشيدٌ بالكتاب والسُّنَّة.
نعم، التيجاني أخطأ، وهو ليس شيخا، ولا متصوفا، وقد تبرأت منه الطريقة التيجانية الرسمية، ولكن ما فعله لا يبرر محاولات ذبح التصوف والمتصوفين.
كنت أنتظر من المجلس الأعلى للطرق الصوفية أن يعقد مؤتمرا صحفيا، يجيب فيه على كافة التساؤلات، ويفند الدعاوى المضادة، ويدفع الاتهامات الباطلة، بحضور نخبة من العلماء، مثل فضيلة الشيخ علي جمعة، والدكتور أحمد عمر هاشم؛ من أجل توضيح ما التبس على الناس، بعد القضية الأخيرة، ولإحباط مؤامرات الجماعة الإرهابية للنيل من الدولة. “يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ”.