الفن وسنينه
رمضان وسعد والعوضي شوهوا البطل الشعبي!
البطل الشعبي أو البطل الوطني هو نوع من الأبطال، حقيقي أو خيالي أو أسطوري بأسمائهم وبطولاتهم وأفعالهم المتأصلة في الوعي الجمعي للشعب، يتم ذكرهم كثيرًا في المواويل والأغاني والفلكلور والأفلام والمسلسلات، فهم لا يمثلون أنفسهم فقط بل يحملون سمات مجتمعاتهم..
محنتهم محنة مجتمعاتهم وانتصارهم انتصار لها وأمل جديد في الخلاص، هم ينتصرون لقيم الحق والخير والجمال، للمظلومين والضعفاء والمقهورين بما يمتلكون من صفات القوة والشجاعة والإقدام والمثابرة وروح التحدي.
زمن الفن الجميل
وللسينما المصرية تاريخ طويل في تقديم الأعمال التي تتناول سير وبطولات وأفعال الأبطال الشعبيين عبر مختلف المراحل الزمنية، بأفلام ليوسف وهبي وحسين صدقي وأنور وجدي وشكري سرحان وعماد حمدي وفريد شوقي وغيرهم، بشكلٍ إيجابي جدًا وفعال ومؤثر، وهو ما حذت حذوه أيضًا الدراما التليفزيونية منذ بداياتها في زمن الفن الجميل حتى وقت قريب..
فشاهدنا واستمتعنا بأعمال رائعة حصدت النجاحات الكبيرة، مثل مارد الجبل والسيرة العاشورية، متخافوش لنور الشريف، علي الزيبق لفاروق الفيشاوي، دموع في عيون وقحة لعادل إمام، رأفت الهجان لمحمود عبد العزيز، رحلة السيد أبو العلا البشري لمحمود مرسي، السيرة الهلالية لأحمد عبد العزيز وغيرها من الأعمال الخالدة..
وذلك قبل أن تشهد صورة البطل الشعبي في التليفزيون تراجعًا كبيرًا وتحولًا سلبيًا خطيرا في الشكل والمضمون منذ أحداث يناير 2011، حتى حتى بلغت الذروة مع صعود فنانين مثل محمد رمضان وعمرو سعد وأحمد العوضي إلى أدوار البطولة في الدراما التليفزيونية.
البطل المجرم البلطجي
مع الهزة الكبيرة والتغيرات الشديدة والعميقة التي أفرزتها أحداث يناير 2011 في المجتمع المصري، خاصةً في الجوانب الأخلاقية والقيمية والأولويات، ظهر وساد نوع جديد من الأعمال المحسوبة ظلما على البطولات الشعبية، يقودها ويجسدها بعض الفنانين الذين لا تنقصهم الموهبة ولكن يفتقدون إلى الوعي المجتمعي بمشاكل وهموم واحتياجات المجتمع ويفتقدون للثقافة والرؤية والمشروع الفني الحقيقي والهادف..
فجاءت أعمالهم السينمائية والتليفزيونية على وجه الخصوص انعكاسا للفوضى والعشوائية والفراغ الذي يعانيه مجتمعنا في السنوات الأخيرة، أعمال تروج للبلطجة والجريمة بكل صورها وأشكالها والعنف والانتقام والانحراف..
وعبثًا تحاول أن تصور أبطال هذه الأعمال على أنهم الأبطال الشعبيين الذين يحظى ويحتفي بهم المجتمع حاليًا! بدلًا من الأبطال الشعبيين الحقيقيين الذين تربينا على سيرتهم العطرة وأعمالهم البطولية الرائعة لسنوات طويلة، كانوا بمثابة المثل الأعلى والقدوة لأجيال عديدة !
فشاهدنا خلال السنوات القليلة الماضية أعمالًا تليفزيونية غريبة وعجيبة ودخيلة على الفن المصري الحقيقي، تمثل خطرًا داهمًا على المجتمع ككل وعلى شبابه وأجياله الصاعدة، بشكل خاص ومع ذلك يتم التهليل لها ولنجومها وصناعها ويمنحون التكريمات وشهادات التميز والتقدير على تشويهم البطل الشعبي والحارة الشعبية وعبثهم بالقيم والأخلاق والعادات والتقاليد المتوارثة!
أعمال مثل الأسطورة والبرنس وجعفر العمدة لمحمد رمضان وملوك الجدعنة لعمرو سعد ومصطفى شعبان وتوبة والأجهر لعمرو سعد واللي مالوش كبير وضرب نار وحق عرب لأحمد العوضي والبقية تأتي للأسف!
صورة سلبية
وتأكيدًا لما وردناه عن الصورة السلبية للبطل الشعبي التي يروج لها معظم النجوم الذين يجسدون أدوار البطل الشعبي في الأعمال التليفزيونية في السنوات الأخيرة، خاصةً محمد رمضان وأحمد سعد وأحمد العوضي ومصطفى شعبان، فإن عدد من الدراسات واستطلاعات الرأي الحديثة أكدت على هذا المعنى..
ومنها الدراسة الميدانية التي أجرتها الدكتورة هبه صلاح الدين قطب الأستاذ بكلية التربية النوعية جامعة المنوفية بعنوان “الصورة الإعلامية للبطل الشعبي في المسلسلات التليفزيونية المصرية وعلاقتها بالصورة الذهنية لدي الجمهور”..
والتي خلصت إلى أن الصورة الإعلامية للبطل الشعبي في المسلسلات التليفزيونية لدى جمهور المبحوثين في المرتبة الأولى سلبية بنسبة 40 % وأنها لديها علاقة ارتباط قوية بالصورة التي يكونها الجمهور عن البطل الشعبي الذي تطرحه هذه المسلسلات.
ومن ثم لا بد من وقفة مع كتاب وصناع ونجوم مثل هذه الأعمال التي تشوه صورة البطل الشعبي في الدراما التليفزيونية لما لذلك من تأثير سلبي مباشر على الشباب والأجيال الجديدة، وقفة من الرقابة على المصنفات ووزارة الثقافة والصحافة والإعلام وأساتذة الاجتماع وغيرهم..
ولكن هذا لا ينفي وجود بعض الفنانين القلائل جدًا الذين يقدمون في أعمالهم صور إيجابية للبطل الشعبي أبرزهم ياسر جلال في مسلسلات مثل رحيم، ضل راجل، الفتوة وأخيرا جودر، وآمير كرارة في كلبش، الاختيار، بيت الرفاعي، ومن ثم نحتاج إلى زيادة مثل هذه الأعمال لعلها تساعد في تصحيح صورة البطل الشعبي التي تم تشوهيها عن عمد في أحيان كثيرة في السنوات الأخيرة وعن عدم إدراك أو دراية في أحيان أخرى.