رئيس التحرير
عصام كامل

آباء فضلاء سبقوا زمانهم!

في الزمن الجميل عاصرنا رجالا ونساء؛ لم يعرفوا القراءة والكتابة، لكنهم امتلكوا ناصية الإنسانية والفهم والذكاء الاجتماعي، أتقنوا فن الحوار والاحتواء والتوجيه الأسري بحنان بالغ وحرص كبير على الأبناء ورغم أنهم لم يدرسوا الأدب لكنهم علمونا أفضل الأدب.. 

أدب التعامل والبر وتوقير الكبير والرحمة بالصغير، لم يدرسوا علوم الطبيعة والأحياء ولا قوانينها لكنهم علمونا فن الحياة وأن التعليم سلوك، فإذا لم يغير العلم سلوكك للأفضل فإنك لم تتعلم وربما كان الجاهل معذورًا بجهله.. لكن ما عذرك أنت أيها المتعلم الجهول.. وما أكثر الجُهَّال في زماننا! 

ربما أن آباءنا وأمهاتنا لم يقرءوا كتابًا واحدًا عن العلاقات لكنهم علمونا كيف تكون حسن المعاملة والاحترام لكل الناس؛ والرحمة بكل المخلوقات.. ربما لم يدرسوا علوم الدين لكنهم علمونا معنى الإيمان الحق، ومراقبة الله.. 

لم يدرسوا التخطيط لكنهم علمونا بعد النظر وكيف نزن الأمور بميزان من ذهب يضع الأمور في نصابها دون إفراط أو تفريط.. أعطونا خبرات الحياة مجانًا دون مقابل، فلم يكن في الدنيا من هو أكثر حبًا لنا منهم، أحبونا بالفطرة دون انتظار جزاء ولا شكورًا. 

آباؤنا وأمهاتنا لم يدرسوا كتابة العقود لكن كلمتهم كانت عقدًا وميثاقًا لا ينفك أبدًا؛ علمونا احترام المواقف والمبدأ والكلمة؛ فالمبدأ عندهم أن الرجل بيتربط من لسانه، هكذا كانوا يقولون لنا ويتعاملون بهذا المبدأ الذي نفتقده في زماننا، فما أكثر من ينقضون العهود ويزورون العقود ويستحلون الحرام

أتدرون ما الفارق بين زماننا الذي شهد قامات عالية في كل مجال؛ السر في الأخلاق؛ فأهالينا علمونا أن التربية قبل التعليم، بل إن التربية تسبق التعليم عندهم.. لكن التعليم الآن بات سلعة لدى كثيرين استعداد لأن يمارسوا الغش في الامتحانات ليحصلوا على مجموع كبير فإن لم يستطيعوا فبإمكانهم شراؤه بالمال في جامعة خاصة أو أهلية كثر خريجوها وقل نفعها.. 

 

ليتنا نجمع أخلاقهم وعلمهم وندركها.. قبل فوات.. الأوان.. ليتنا نعود لأخلاقهم ونحسن تربية أبنائنا كما فعلوا..فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا!

الجريدة الرسمية