خريف العلاقات!

سئل حكيم: كيف تعرف معادن الناس؟ فقال: يعرف الزوج عند مرض زوجته، وتعرف الزوجة عند فقر زوجها، ويعرف الصديق عند الشدة، ويعرف الأبناء عند كبر الوالدين، ويعرف الإخوة عند الميراث.. وأضيف: إن المواقف خريف العلاقات، يتساقط فيها المزيف من المشاعر والزائف من المتحلقين حولك لغرض أو لمنفعة.

الناس معادن.. هكذا أخبرنا النبي الكريم بقوله: "تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خير الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهية، وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه ويأتي هؤلاء بوجه".

وما أعظم فضائل السيدة خديجة رضى الله عنها التي قال عنها رسول الله: ما أبدلني الله عز وجل خيرًا منها، قد آمنت بي إذا كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدا إذ حرمني أولاد النساء.

معادن الناس تظهر وقت الشدة، وقت المشاكل، وقت الفصل في الحقوق وطلب الشهادة، وقت تعارض المصالح، وقت الزعل والخصام، وقت المرض والحزن.. حينها تكتشف بوضوح من ساندك ومن خذلك..من صبر عليك ومن ضاق بك ذرعًا..من آمن بعدالة قضيتك، ومن خان وقبض الثمن.

الناس في اليسر غير الناس في العسر، فلا تتسرع في الحكم عليهم ولا تعطهم صك البراءة والجدعنة لمجرد أن روحهم مرحة تلقاك بوجه بشوش ما دامت مصلحتهم معك، فإذا ما انقضت المصلحة وانقطعت منك المنفعة انفضوا عنك بسرعة البرق..

لا بأس إن أردت أن تتخذ صديقًا حميمًا أن تختبره.. لا بأس أن تضعه في موقف صعب وانتظر ردة فعله تجاهك هل سيصبر ويضحى لأجلك أم يروغ منك كما يروغ الثعلب..

الناس كلها حلوة وقت الضحك والهزار والخروج.. لكن وقت الخلاف وتعارض المصلحة فإن الجميع يخرج ما في باطنه ويظهر على حقيقته دون رتوش ومن هنا جاء قولهم "حذّر من صاحبك ولا تخوّته (بتشديد الخاء).

انظر من وقف معك في شدتك، في مرضك، في وحدتك حين انصرف عنك الناس، من آمن ببراءتك حين اتهمك الناس..من حافظ عليك في غضبه وخصامه.. من حافظ علي سرك ولم يخنك بالغيب.

وما أصدق الشاعر حين قال:
تشابه الناس إلا في معادنهم         وشيمة المرء بين العلم والأدب
فكم صديق صدوق صادق فطن   مقامه في عيون المجد والرتب
وكم حقود حسود لا عهود له       يجوس بين ديار الزور والكذب
فاصبر على الناس إن تجهل منازلها فتربة الدهر تخفي لمعة الذهب

هل هذا هو التدين الحق؟!

لجنة القيد بنقابة الصحفيين.. تحتاج وقفة!

ويبقى أنه لابد من الإمعان في اختيار الصديق مصدقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: المرءُ على دينِ خليلِه فلينظرْ أحدُكم مَن يُخاللُ.