لجنة القيد بنقابة الصحفيين.. تحتاج وقفة!
يكفي أن تكتب عبارة لجنة القيد بنقابة الصحفيين على جوجل أو السوشيال ميديا لتطالع فيضًا من الكتابات التي تتناول بالنقد أو التظلم ما يجري داخل تلك اللجنة، ناهيك عن ذهاب البعض إلى المحاكم لاستصدار أحكام قضائية لتمكينهم من اكتساب عضوية النقابة بعد أن رفضت تلك اللجنة قبولهم بجدول تحت التمرين بالنقابة..
ومن واقع خبرتي النقابية التي دامت لسنوات في زمن النقابة الجميل، أيام النضال من أجل انتصار الرأي والتعبير والصحافة، حتى نجحنا مع المجلس 39 في إسقاط القانون المشبوه المعروف باسم قانون اغتيال الصحافة رقم 93 أيام حكم الرئيس الراحل حسنى مبارك رحمه الله، أستطيع القول باطمئنان إن ثمة خللًا وعوجًا في مسارات القبول بعضوية نقابة الصحفيين تفاقمت بعد ثورة يناير 2011..
وانضمام جحافل للنقابة التي تجاهد لزيادة البدل بينما تتوسع بلا مبرر في قبول أعضاء جدد بصفة منتظمة، أغلبهم تتوسع بلا مبرر في قبول أعضاء جدد من صحف ومواقع أكثرها خاصة، ويحوم حول بعضها شبهات بأن أصحابها والقائمين عليها يتقاضون مبالغ ممن يرغب في اكتساب عضوية النقابة من الشباب، الذين يعملون في ظروف جد قاسية في غياب أدنى معايير الشفافية والموضوعية المهنية والنقابية.
الشاهد في الموضوع هنا هو أننا في الوقت الذي نطالب بزيادة بدل التكنولوجيا الذي هو حق أصيل بحكم قضائي لكل صحفي يمارس المهنة ويتحمل متاعبها ونكاد نحصل على ذلك بالكاد أو بشق الأنفس مع كل مناسبة انتخابية لمجلس النقابة ونقيبها.. فإن لجنة القيد تعتمد قبول أعداد كبيرة في النقابة خلافًا لما كان يحدث قبل سنوات كان المقبولون في عضوية النقابة سنويًا لا يزيدون على أصابع اليدين أو أكثر قليلًا..
في الوقت الذي تعمل نقابات أخرى مثل المحامين والمهندسين على الحد من قبول أعداد متزايدة من الخريجين بين صفوفها؛ إعلاء لمبدأ الكيف وليس الكم، وحفاظًا على هيبة المهنة من الدخلاء والمحتالين وأصحاب الحيلة والواسطة في زمن لا يستعصي فيه أمرٌ على المحسوبية والواسطة.. فكيف يستقيم الظل والعود أعوج؟!
وأذكر أنني كنت يومًا ما عضوًا في لجنة القيد بنقابة الصحفيين التي كنت سكرتيرها العام لسنوات وقد زاملت الكاتبين الصحفيين الكبيرين الأستاذ جلال عيسى رئيس لجنة القيد أيامها بوصفه الوكيل الأول للنقابة والأستاذ سلامة أحمد سلامة العضو الثاني وقد اقترحت عليهما عقد اختبار في المعلومات العامة وفنون الصحافة لكل من يتقدم للجنة القيد، ولا تتم إجازة أي من المتقدمين للجنة إلا إذا اجتاز هذا الامتحان وقد استجابا لاقتراحى ورأينا العجب العجاب..
رأينا مهازل فقد سألت أحد المتقدمين للجنة القيد سؤالًا: هل طالعت جرائد اليوم.. وأي مقال قرأت.. فأجاب البعض أنه لم يقرأ شيئًا فكان قرارنا حاسمًا بتأجيل قبوله باللجنة.. فما بالنا بشباب اليوم وظروف الحياة الطاحنة التي لا تترك لهم مجالا للقراءة والتجويد واكتساب المعرفة والخبرة الصحفية التي تؤهلهم للعمل في مهنة أهم مقوماتها المعرفة والخبرة والثقافة.
صدقونى أولى خطوات الإصلاح هي التدقيق الشديد في قبول أعضاء جدد بنقابة الصحفيين، خصوصًا في ظل ما نسمعه بأن هناك من يتقاضى مقابلًا ماديًا في جرائد ومواقع خاصة لتمرير تعيين محررين جدد قد لا يصلحون أساسًا للمهنة..
فلماذا لا تضع النقابة شروطًا موضوعية للقبول بها، كالحصول مثلًا على دبلومة في الصحافة لغير المتخصصين، ووضع اختبارات تشرف عليها لجان مستقلة من خارج المجلس، لجان مشهود لها بالنزاهة والكفاءة والشفافية حفاظًا على ما تبقى للمهنة من جدارة واعتبار وهو ما يحتاج لتغيير جذري في قانون النقابة!
وإذا كانت سوق العمل في الصحافة تضيق بأبنائها الحاليين وتضن عليهم بفرص العيش الكريم، وهو ما دفع بالصحف القومية لوقف التعيينات فيها، واضطرت بعض الصحف الخاصة لتسريح بعض العاملين فيها تحت وطأة الغلاء والركود.. فكيف تقبل النقابة كل هذه الأعضاء الجدد في عضويتها؟!
يا سادة إذا أردنا الحفاظ على عافية النقابة والمهنة واستقلالها فعلينا أولا أن نحاسب أنفسنا ولا نقبل في عضوية النقابة إلا من يستحق ومن تحتاجه المهنة وكفانا مجاملات انتخابية ووساطات ومحسوبيات! صدقوني.. المهنة لم تسقط من فراغ.