أسرار السعادة والشقاء!
جهاد النفس أصعب مهمة تقابلها في حياتك، فالنفس راغبة إذا رغبتها - بتشديد الغين - وإذا ترد إلى قليل تقنع، وذلك قول شاعر حكيم أصدق الجهاد هو قدرتك على أن تجعل هذا القلب نقيًا، صالحًا للحياة الآدمية بعد كل تلك المآسي والعثرات والانكسارات والهزائم والمفاسد التي لا يتورع عن ارتكابها شياطين الانس والجن على السواء.
الجهاد الحقيقي جهادك مع قلبك كي يبقى أبيض رغم كل السواد الذي يحيط بالبشرية من صراعات وحروب وجرائم ترتكب ليل نهار دون وازع من ضمير أو أخلاق حتى باتت الحياة البشرية سلسلة لا متناهية من المآسي والمعاناة في عصر مادي لا يرحم وبشر قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة..
فهل ما يحدث في غزة من قتل وتدمير لكل شيء يوحي بأن هناك ضمير للإنسانية الخرساء والعاجزة عن قتل وإزهاق براءة الأطفال وروح الإنسانية بلا تردد ولا رحمة بل بدم بارد وقلب بليد لا يبالي.
تلك المعارك، تغيّرت معها ملامح الإنسان فتراجعت إنسانيته، وحضرت القسوة وغابت الرحمة..
ألا يظن مصاصو الدماء في هذا العصر المتوحش ومن سكت عن جرائمهم أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين.. فيسألهم ويحاسبهم ويقتص من الظالمين المجرمين قصاصا عادلا لا يترك شاردة ولا واردة إلا أحصاها.. فويل لمن ظلم وتجبر على عباد الله الضعفاء الذين لا حيلة لهم في دفع الضر والأذى عن أنفسهم!
جهاد النفس أصعب شيء في الحياة، ولهذا قال النبي الكريم بعد عودته من إحدى الغزوات: "عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر".. قالوا وما الجهاد الأكبر يا رسول الله.. قال جهاد النفس.
النفس بطبيعتها تنطوي على البخل والشح وحب المال والشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضل والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة والدينا، وهو متاع زائل وقليل لا يساوى عند الله جناح بعوضة مهما تعاظم في عيون الناس..
ورغم أن تلك هي حقيقة الدنيا بكل ما تطوي عليه من زينة وغواية لكن كثيرا من الناس يجهلونها أو يعرفونها لكنهم يتغافلون عنها، حتى يحين أجلهم فإذاهم يبصرون بقوة لا تخطئ، وهنا يقول الله تعالى "فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ".. والناس في الدنيا نيام فإذا ماتوا انتبهوا.. ترى أي مصير ينتظر الغافل حين يفيق بعد فوات الأوان وماذا تصنع اليقظة في عالم الموتى.. النفس مفتاح السعادة والشقاء.. فاحذر نفسك قبل فوات الأوان!