رئيس التحرير
عصام كامل

كيف نستعيد الريادة في الفن والدراما!

هل استسلم صناع الفن والدراما لغواية ما يطلبه الجمهور لا ما ينفعه وبينهما فارق شاسع.. وهل يصمد الفن في مواجهة طوفان السوشيال ميديا التي اجتذبت الملايين وبالأخص الجيل الجديد الذي بات يستهويه ما يسمى بدراما الواقع أو reels وstory على الفيسبوك أو فيديوهات التيك توك وصور الإنستجرام التي يقدمها بشرٌ حقيقيون ينقلون للناس تفاصيل حياتهم اليومية من طبخ وغسيل وصيد وماكياج؟!

لا شك أن المنافسة ليست في صالح صناع الفن والدراما التقليديين؛ لكن ليس معنى ذلك أن تلك الصناعة إلى زوال؛ ولنا في التاريخ عبرٌ وعظات.. فهل اختفى الراديو والإذاعة بعد ظهور التليفزيون والفيديو.. أم بقي لكل وسيط جمهوره ورواده؟!

ما يحتاجه الفن عمومًا والدراما والسينما على وجه أخص أن يتنادى أهل الصناعة من نقابات فنية ونجوم وكتاب ومخرجين لإنتاج أعمال فنية قيمة تجتذب جمهورًا جديدًا وتمنحهم القدرة على المنافسة مع الميديا الجديدة التى لن ترحمهم وستتركهم في مواجهة البطالة والفاقة، وتترك الناس في متاهة التشويش ومحاولات الاستقطاب والتأثير وتشكيل وعي زائف بالتاريخ والهوية والمستقبل.

الفن أحد مقومات القوى الناعمة للدول والشعوب؛ فمشهد درامي أو سينمائي واحد يمكن أن يحدث تأثيرًا يفوق عشرات الكتب والمقالات على أهمية أي حرف تخطه أقلام المفكرين والكتاب والمثقفين المهمومين بشواغل الوطن وقضاياها الكبرى، الفن يمكنه أن يغير كثيرا من الواقع لكن هل الفن الموجود حاليًا يمكنه أن يغير شيئا أو يبني قيمًا أو يكرس وعيًا حقيقيًا وبنَّاءً.. 

فهل ما تقدمه الدراما والأفلام المصرية اليوم يرقى لمستوى التحديات الراهنة؟ هل يمكن القول إن هناك قامات راسخة في التأليف والسيناريو يشار إليهم بالبنان كما كان الحال من قبل مع الرائع أسامة أنور عكاشة وغيره من عباقرة الكتابة والتأليف الذين سطروا بأفكارهم وأقلامهم روائع لا تزال تحيا في الوجدان الشعبي وتخلد في الذاكرة الشعبية؟ فمن يمكنه أن ينسى ليالي الحلمية أو أرابيسك أو زيزينيا؟! 

ظاهر الأمر أن الفن المصري يتراجع عن عرشه لدرجة تهدد بسقوطه في طي النسيان لضعف الإنتاج وعدم تدخل الدولة بإنتاج منتظم وضخم، وترك الأمر للقطاع الخاص الذي يبحث عن الربح السريع، ناهيك عن قلة خبرة المخرجين وندرة مؤلفي السيناريو والحوار المحنكين بالدراما عموما، فضلًا على انتشار التمثيل المبالغ فيه من قبل الممثلين أملا في الوصول للشهرة الزائفة عبر واقعية ممجوجة.. 

فهل تتحرك النقابات الفنية وصناع الفن لاستعادة عرش الريادة الفنية التي ذهبت لمواسم دول شقيقة مجاورة صارت ملء السمع والبصر؟! نتمنى.

الجريدة الرسمية