رئيس التحرير
عصام كامل

متى يشعر المواطن براحة البال؟!

يبدو أن الحكومة تستسهل تحريك الأسعار بين الحين والآخر، بدأت برفع أسعار الوقود ثم المواصلات العامة ثم أسعار الكهرباء.. وهلمّ جرّا.. ويبدو أنها لا ترى في الأفق حلولًا بديلة لزيادة الإنتاج وتوليد الثروة والوظائف وتعظيم الدخل القومى ووقف معاناة المواطن مع الغلاء الذي يزداد بوتيرة سريعة تفوق الدخل والقوة الشرائية للسواد الأعظم من الناس؟!


وهنا يثور سؤال: كيف سيتحمل المواطن الزيادات المتتالية في الأسعار دون أن يقابلها زيادة مماثلة في دخله.. وهل من المصلحة وصول التضخم لمستويات غير مسبوقة وتدنى قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار والعملات الأجنبية؟!


وبصرف النظر عما إذا كانت تلك الزيادات استجابة لمطالب صندوق النقد أم أنها قرارات مصرية خالصة لا دخل للصندوق بها.. علامَ تراهن الحكومة.. إذا كانت نفس المقدمات ستقود لنفس النتائج وقد جربنا وجرب غيرنا روشتة ذلك الصندوق.. ولم تأت النتائج مبشرة ولا حدثت انفراجة بل العكس ما حدث فماذا تنتظر الحكومة؟! 

 

هل تنتظر مزيدًا من تآكل القوة الشرائية للمواطن، وانسحاق الطبقة الوسطى التي تكاد تنقرض أو تنسحب وراء خطوط الفقر؟ هل زاد الدخل بنفس وتيرة زيادة الأسعار؟ وإذا الحكومة سترفع مخصصات الحماية الاجتماعية في الموازنة العامة، وتزيد مرتبات الموظفين وإعانات أصحاب تكافل وكرامة والمعاشات.. فكيف ستتعامل مع غير المشمولين بالحماية ولا بالوظيفة العامة من عمالة موسمية وبطالة غير مسجلة لا تجد قوت يومها؟!


صدقوني مصداقية أي حكومة تتعزز بمقدار ما تعطي للمواطن من أمن واطمئنان ومقومات حياة ميسرة وكريمة، فحين يجد المواطن خدمات صحية وعلاجًا بأسعار في متناوله يشعر بوجود وزير الصحة الذي بشرنا بحل أزمة الأدوية ثم لا نجد لتصريحاته الوردية أي أثر إيجابي في الواقع بل ارتفع سعرها واختفى بعضها من الأسواق.. ولا ندري هل يشعر هذا الوزير بأنين المرضى ومعاناة الفقراء منهم؟!


وحين يجد المواطن تعليمًا منتجًا مريحًا لا يستنزف جيبه ويوفر لأبنائه فرص العمل والترقي يشعر بوجود وزير التعليم في حياته.. وحين يجد مواصلات مريحة بأسعار تناسب دخله يشعر بوجود وزير النقل في حياته.. وحين يجد منتجات جري تصنيعها في بلده بجودة عالية وأسعار معقولة يشعر بوجود وزير للصناعة.. وهكذا تتكامل الأدوار وتنعقد الثقة في الحكومة التي أحسبها لا ترى إلا العلمين.. 

ولا تفكر في زيادة الأسعار دون أن تجهد نفسها في ابتكار حلول لزيادة الإنتاجية وتطوير أداء المواطن تعليمًا وصحة وتوظيفًا وأمانًا اجتماعيًا.. فإذا كانت الحكومة ترى أنها فعلت ما بوسعها فإنى أطلب منها أن تستطلع آراء الناس الذين تستمد شرعية بقائها من رضاهم..

 

ما مدى رضاء المواطن عن أدائها وخصوصا في الملف الاقتصادي؛ فرضا المواطن هو صك النجاح لأي حكومة وسخط المواطن ليس علامة خير أبدًا، فالناس قد تصبر بعض الوقت إذا شعرت بجدية الحكومة في العمل والإصلاح.. لكن من غير المقبول أن تراهن تلك الحكومة على صبر المواطن كل الوقت بينما لا يرى هذا سوى مزيدٍ من الأعباء بلا توقف ولا رؤية بحلول جديدة أو قريبة تخفف المعاناة وتضع حدًا لتلك الدائرة الجهنمية من زيادات متتالية للأسعار؟!

 


متى تتعب الحكومة نفسها في الإنتاج وتعظيم الاستثمار وتكف عن القروض وعن زيادة الأسعار بمبرر ودون مبرر حتى تعطي الأمل للمواطن أن هناك حدًا لمعاناته للخروج من عنق الزجاجة!

الجريدة الرسمية