من الآيات القرآنية الجامعة (10)
عزيزي القارئ لازال الحديث عن الأمر الإلهي بالإحسان وكنا قد أشرنا إلى الآية الكريمة التي يقول فيها الحق عز وجل "وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ". وأشرنا إلى أن إحسان الله تعالى لعباده لا حد له ولا منتهى وأن إحسانه سبحانه وتعالى دائم لا ينقطع، بالرغم من جحود الكثيرين من العباد ومعاصيهم ومخالفتهم لأمره عز وجل، وأن إحسان العبد يكن بفضل الله تعالى وتوفيقه.
ونستكمل الحديث عن بعض مظاهر إحسانه تعالى، والتي منها: أنه لا يعامل الكافر بكفره، فلم يقطع عنه رزقه وجعل سماءه تظله وأرضه تقله، ولم يعاجله بالعقوبة ولم يسلبه نعمه. ولم يؤاخذ المسيئ بإساءته فلم يعاجله بالعقوبة. ولا المخالف لأمره عز وجل بمخالفته، ولا الجاحد لنعمه والناكر لفضله سبحانه على جرمه وظلمه وجحوده..
فهو تعالى الذي يقابل الإساءة بالإحسان والمعصية بالعفو والمغفرة، ومن إحسانه تعالى أن فتح لهم باب التوبة ولم يقنطهم من رحمته عز وجل، بل إنه من عظيم رحمته وإحسانه قد جعل سبحانه وتعالى من العبد العاصي التائب حبيبا له سبحانه، فإنه يحب التوابين والمطهرين من عباده..
ومن عظيم فضله وإحسانه أنه تعالى فتح باب التوبة والمغفرة حيث يقول عز وجل "إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ"، ومن رحمته وإحسانه تعالى أنه يبدل سيئات المسيئ عندما يرجع إليه سبحانه وتعالى، حيث يقول تعالى "إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا".
ومن رحمته سبحانه وإحسانه أنه لم يهمل عباده العصاة، وأنه يقابل السيئة بسيئة أو بالعفو عنها والمغفرة ويضاعف الحسنة بعشر أمثالها أو أن يزيد ويضاعفها، ومن إحسانه تعالى أن يطبب العصاة والمذنبين ويطهرهم من معاصيهم بما يبتليهم به من المصائب والبلايا..
وفي حديث قدسي جامع أشار سبحانه وتعالى إلى ذلك بقوله سبحانه: (إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويُعبد غيري، أرزق ويُشكر سواي)، (خيري إلى العباد نازل، وشرّهم إليّ صاعد، أتودد إليهم بالنعم وأنا الغني عنهم! ويتبغّضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إليّ)..
(أهل ذكري أهل مجالستي، من أراد أن يُجالسني فليذكرني. أهل طاعتي أهل محبتي. أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا إليّ فأنا حبيبهم، وإن أبَوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهّرهم من المعايب، من أتاني منهم تائبًا تلقّيته من بعيد، ومن أعرض عني ناديته من قريب، أقول له: أين تذهب؟ ألك رب سواي!)، (الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة عندي بمثلها وأعفو، وعزتي وجلالي لو استغفروني منها لغفرتها لهم).