رئيس التحرير
عصام كامل

من الآيات القرآنية الجامعة (8)

عزيزي القارئ تحدثنا في المقال السابق عن الآية الكريمة "وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ". وفي هذا المقال نتحدث عن بعض ما خص الله تعالى به من أحبهم من عباده، مما أوحاه الله تعالى إلى سيدنا داود عليه السلام.  قال "يا داود أبلغ أهل أرضي أني حبيب لمن أحبني، وجليس لمن جالسني، ومؤنس لمن أنس بذكري، وصاحب لمن صاحبني، ومختار لمن إختارني، ومطيع لمن أطاعني، ما أحبني عبد أعلم ذلك يقينا من قلبه إلا قبلته لنفسي، وأحببته حبا لا يتقدمه أحد من خلقي، من طلبني بالحق وجدني..

 ومن طلب غيري لا يجدني، فأرفضوا يا أهل الأرض ما أنتم عليه من غرورها وهلموا إلى كرامتي ومصاحبتي ومجالستي، وائنسوا بي أؤانسكم  وأسارع إلى محبتكم فإني خلقت طينة أحبائي من طينة إبراهيم خليلي وموسى نجي ومحمد صفي، وخلقت قلوب المشتاقين من نوري ونعمتها بجمالي وجلالي".

 

 هذا وقد جاء في الأثر أن الله تعالى أوحي إلى بعض الصديقين “إن لي عبادا من عبادي يحبوني وأحبهم ويشتاقون إلي وأشتاق إليهم ويذكروني وأذكرهم وينظرون إلي وأنظر إليهم. فإن حذوت طريقهم أحببتك. وإن عدلت عنهم مقتك”.. 

قال: يارب وما علاماتهم، قال " يراعون الظلال بالنهار كما يراعي الراعي الشفيق غنمه ويحنون إلى غروب الشمس كما يحن الطائر إلى وكره عند الغروب، فإذا جنهم الليل وإختلط الظلام وفُرشت الفٌرش ونٌصبت الأسرة، وخلا كل حبيب بحبيبه نصبوا إلي أقدامهم وافترشوا إلي وجوههم وناجوني بكلامي، وتملقوا إلي بإنعامي فبين صارخ وباك وبين متأوه وشاك وبين قائم وقاعد وبين راكع وساجد، بعيني ما يتحملون من أجلي وبسمعي ما يشتكون من حبي. 

أول ما أعطيهم ثلاث: أقذف من نوري في قلوبهم فيخبرون عني كما أخبر عنهم، والثانية: لو كانت السموات والأرض وما فيهن في موازينهم 'أي حسنات' لإستقللتها لهم. والثالثة: أقبل بوجهي عليهم فترى من أقبلت عليه بوجهي يعلم أحد ما أريد أن أعطيه؟. 

 

 

هذا ومن عظيم رحمة الله تعالى وكرمه وإحسانه بعباده أنه سبحانه لم يقنطهم من رحمته ودعاهم إليه تعالى ورغبهم فيه سبحانه والشواهد على ذلك لا تعد ولا تحصى، منها ما أوحاه تبارك في علاه لسيدنا داود عليه السلام. قال عز وجل  يا داود لو يعلم المدبرون عني' أي العصاة والغافلين عن ذكره تعالى'، كيف إنتظاري لهم ورفقي بهم وشوقي إلى ترك معاصيهم لماتوا شوقا إلي وتقطعت أوصالهم من محبتي..

يا داود هذه إرادتي في المدبرين عني فكيف إرادتي في المقبلين علي. ياداود أحوج ما يكون العبد إلي إذا إستغنى عني. وأرحم ما أكون بعبدي إذا أدبر عني. وأجل ما يكون عندي إذا رجع إلي".. هذا ملمح من ملامح إحسان الله تعالى على العباد فمن الإحسان مقابلة الإحسان بالإحسان مصداقا لقوله تعالى "وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ" هذا وللحديث بقية..

الجريدة الرسمية