أولمبياد الفئران.. من المجاري إلى العالمية
في أحد المجارير المظلمة وسط المدينة الكبيرة، حيث تحلُم الفئران بأن تصبح أبطالًا عالمية، تم تنظيم أولمبياد الفئران الأول.
كانت الفكرة مجنونة لدرجة أن جميع الفئران ضحكت في البداية، ولكن بعد التفكير قليلًا، قررت هذه الكائنات الصغيرة المضي قدمًا، ليس لتحقيق المجد الرياضي، ولكن فقط لزيادة الحصص الغذائية ومشاهدة الكبار يتنافسون على بقع الجبن الفاخرة.
بدأ الحفل بافتتاح أسطوري، حيث حملت مجموعة من الفئران لافتة كتب عليها أولمبياد الفئران.. من المجاري إلى العالمية. ولكن سرعان ما إنقطع التيار الكهربائي، فظلّت اللافتة مضاءة بشمعة صغيرة، مما أضفى على الحدث طابعًا أكثر واقعية وعفوية.
كانت المنافسات متنوعة، بدءًا من سباق القشور إلى القفز فوق بقايا الطعام. ولكن المفارقة الأكبر كانت في القواعد. فقد كانت المحسوبية منتشرة كالنار في الهشيم. فالفأر الرئيس، صاحب الذيل الطويل والشاربين المعقوفين، قرر أن يُعين أبنائه في جميع المنافسات. حتى لو لم يكن لديهم القدرة على القفز نصف سنتيمتر، فقد كانوا مؤهلين بفضل الولاء العائلي.
بدأت الفئران بالتحضير للألعاب. قاموا بتدريباتهم اليومية على الجري فوق النفايات المبعثرة، وتدربوا على السباحة في البرك الصغيرة المتبقية من المياه الملوثة. لكن لم يكن الجميع محظوظًا، فاللاعبون الذين لم يتمكنوا من دفع رشوة للفأر المدرب أو تقديم هدية للفأر المدير كانوا يُجبرون على التدريب في أسوأ الظروف، في أقذر الأركان، وغالبًا ما كانوا يُستبعدون من المنافسات بحجة عدم الجاهزية.
ومع بداية الألعاب، كان الفأر الصغير فرفور مرشحًا ليكون الفائز الأكبر في سباق القشور. لكنه فوجئ بأن القواعد تم تغييرها في اللحظة الأخيرة لصالح ابن الفأر الكبير. فأصبح السباق يتطلب المرور عبر فتحة صغيرة لا يمكن للفئران الممتلئة الوصول إليها. وكما هو متوقع، فاز ابن الرئيس بفضل بنيته النحيفة التي لم يكن السبب فيها التدريبات، بل سوء التغذية.
كانت سباقات الجري هي الحدث الأبرز. فاجأ الجميع الفأر زبيب، الذي كان يعاني من السمنة المفرطة، بفوزه بالميدالية الذهبية. تبين لاحقًا أن زبيب كان قد رشى اللجنة المنظمة بكمية كبيرة من فتات الجبن، مما أثار جدلًا واسعًا حول المحسوبية والفساد في عالم الرياضة القارضية.
أما في منافسة القفز على الجبن، فقد كانت الفأرة سوسو مرشحة للفوز، ولكنها استُبعدت لأن والدها لم يكن من العائلة المرموقة، فتم استبدالها بفأر لا يستطيع حتى القفز فوق نصف الجبن.
في منافسات المصارعة، حقق الفأر الشرس فوزًا ساحقًا على منافسه الضعيف. ولكن بعد المباراة، تبين أن الشرس كان قد تناول جرعة زائدة من الفلفل الحار قبل المباراة، مما جعله أكثر عدوانية وقوة.
الفساد والمحسوبية لم يقفا عند هذا الحد. فقد شملت المجاملات تقديم الجوائز لبعض الفئران التي لم تشارك حتى في الألعاب، فقط لأنها كانت تُقدّم الولاء الكامل للفأر الرئيس.
وبينما كانت الفئران البسيطة تنظر بعيون مليئة بالحسرة، كانت الألعاب تستمر، وتزداد السخرية. فالفئران الفائزة لم تكن تلك التي بذلت الجهد، بل تلك التي كانت تعرف كيف تُرضي الفأر الكبير ومن حوله.
وهكذا انتهت أولمبياد الفئران، ولم يكن فيها فائزون حقيقيون. بل كان الخاسر الأكبر هو النزاهة والرياضة نفسها. ولكن على الرغم من كل هذا، خرجت الفئران المغمورة بروح النكتة قائلة: في النهاية، كلنا سنعود إلى المجارير، ولكن مع قليل من الجبن، سنتحمل الحياة.