رئيس التحرير
عصام كامل

نداء القلوب

إلهي يرفعني

إلهي، يا من تسمع صرخاتنا من عمق قلوبنا وتستجيب لنا في لحظات الضيق، يا من لا تتركنا حين يثقل علينا حمل الحياة ولا تتخلى عنا حين تحاصرنا المصاعب وتشدنا الأزمات إلى الأرض، كم هو عظيم وعدك لنا وصوتك وهو يدوي في قلوبنا  بكلمات المزمور: "يدعوني فأستجيب له، معه أنا في الضيق، أنقذه وأمجده".

في هذه الكلمات، يا إلهي، نجد طمأنينة عميقة تروي عطش أرواحنا، نلمس فيها حنانك الأبوي الذي لا يترك أبناءه لحظة واحدة، حتى في أصعب الظروف، عندما نرفع أصواتنا بالصلاة، وقلوبنا بالدموع والمناجاة، نعلم أنك تسمعنا، أنك تقترب منا، أنك تستجيب لنا ليس فقط بكلمات العزاء، بل بحضورك الذي يملأ قلوبنا بالسلام والرجاء.

كم من مرة يا رب وجدت نفسي وحيدًا في وسط العاصفة، شعرت بأن الحياة تميل إلى الظلام وأن اليأس يقترب مني بخطوات ثقيلة. لكن في تلك اللحظات، أتذكر وعدك الأبدي وكأنه لقلبي قائلاُ: "معه أنا في الضيق" نعم، يا رب، أنت لست بعيدًا عني، أنت لست إلهًا ينظر من علٍ، بل أنت حاضر بيننا، تسير معنا في وادي الضيق، تشعر بآلامنا وتحتضننا برحمتك التي لا تنتهي.

يا رب، نحن نعلم أنك لا تتركنا وحدنا في تجاربنا، بل تأتي إلينا في الوقت المناسب، تحمل عنا أثقالنا، تنير طريقنا في الظلام، وتنقذنا من كل شدة. إن وجودك معنا هو الذي يحمينا، هو الذي يمنحنا القوة للاستمرار، هو الذي يجعلنا نرفع رؤوسنا ونتحدى كل ما يقف أمامنا. وكيف لنا ألا نشعر بالامتنان العميق لك، وأنت الذي لا تكتفي بإنقاذنا فحسب، بل تمجدنا بعد ذلك، ترفعنا، تعيد لنا الكرامة التي فقدناها في لحظات الضعف.

كم هو عجيب حبك لنا، يا رب، كم هو عظيم عنايتك التي لا تكل ولا تمل. إنك تعرف كل دمعة تسقط من أعيننا، كل نداء يخرج من أعماقنا، وتأتي لتجيب، لتعيد الحياة إلى نفوسنا، لتمنحنا القوة على الوقوف من جديد، بعد كل عثرة، بعد كل سقوط. أنت الذي تنقذنا ليس فقط من الضيقات الخارجية، بل من الضيقات التي تسكن داخل قلوبنا، من مخاوفنا، من شكوكنا، من كل ما يحاول أن يسلبنا الفرح والسلام.

يا رب، علمني أن أثق بك أكثر، أن أعلم أنني عندما أدعوك، أنت هناك، تستجيب، تسمع، وتحملني في أحضانك. علمني يا إلهي أن أرى في كل ضيقة فرصة للقرب منك، لتجربة حبك ورحمتك، لتعلم نفسي أنني لست وحدي، بل أنت معي، تقودني، تحميني، وتخرجني من كل ظلام إلى نورك العجيب.

اجعلني دائمًا أرفع عيني نحوك في كل ظرف، سواء في الفرح أو في الحزن، سواء في السلام أو في الضيق. اجعلني أعيش حياتي على يقين أنني مهما واجهت من صعاب، فأنت هناك، تسمعني، تستجيب لي، وتنقذني وتمنحني مجدًا يفوق كل وصف.

مواد متعلقة

الجريدة الرسمية