مشاعر عائدة من زيارة بيت الله
عدم معرفتنا بميعاد اليوم والساعة واللحظة التى نفارق فيه الحياة، صاعدين إلى السماء، أمر مطمن طبعا وصحيح جدا ولكنه مخيف أيضا، لأنه من الجائز أن يكون هذا اليوم الموعود هو غدا أو نفس اليوم الذي نعيشة؛ ولكن الخوف المرضى من اليوم الذي سوف نرحل فيه عن هذا العالم والذي يعكر علينا عيشتنا، ويسلمنا للوساوس ويصرفنا عن العمل والكد والنجاح، وما يتعلق بهم من مشاعر السرور والفرح بالإنجاز هو أمر غير مقبول.
لكن.. أن نتعمد نسيان أننا سوف نرحل ذات يوم خطأ بل خطيئة كبيرة، وخداع للذات عمدا مع سبق الإصرار على أن تكون لا مؤاخذة غافلا مغفلا! لأننا إن ترقبنا الموت متنا ونحن أحياء، وإن تجاهلنا الموت عشنا بلهاء غافلين.. ولا أحد يمكنه تحمل الوضعين. ما الحل إذن؟
الحل هو معالجة الخوف من الموت، ويأتى ذلك أولًا بالتسليم بأن الموت حياة أخرى، وثانيا بالتودد إلى الله العلي العظيم والتقرب إليه سبحانه، والتحلى بالإيمان والتقرب من الأسرة والأصدقاء وعدم الإنفراد بالذات كثيرا لكي نغلق المجال فى وجه الخناس الرهيب المسيطر على العقل والنفس فيسوقك إلى أفعال غير مسئولة، وخوف غير مبرر، لآنه من الممكن أن تكون لحظة وفاتك بعد 50 عاما من الآن وبالتالي فأنت تهدر الوقت والأيام في الخوف دون عمل شيئ قيم، ولكن علينا الإدراك أن الموت قادم لا محالة ولا يوجد بيدنا شئ.
لقد جئنا بأمره ونعود بأمره سبحانه.. تلك هي الحكمة النهائية المريحة للنفس المضطربة المتشككة
التسليم بثنائية الموت والحياة، تريح القلب والذهن، ولو أن كل الذين سبقونا فكروا فقط في لحظة الموت ما عملوا ولا نجحوا ولا كان هناك علماء ولا أطباء ولا رجال أعمال، لان الخوف من أن الموت وشيك يعيق الإبداع والتقدم.
ومع ذلك فليس الخوف من الرحيل إلى العالم الآخر هو الخوف الوحيد المدمر للحركة السوية للإنسان، فكل الخوف بأنواعه هو شلل عقلي ونفسي بالغ التعقيد، وزيارة واحدة للعيادات النفسية سترى ما يحزنك بحق، هذا العالم سنته أن تأتى أجيال وترحل أجيال في لحظة لا يعلمها إلا الله..
لذا عيشوا حياتكم وتقربوا إلى الله واعملوا وتعلموا وإبنوا لمستقبلكم كأنكم تعيشون الدهر كله واتركوا الأمر إلى الله فإن القرار لله وحده.