رئيس التحرير
عصام كامل

حماية المستهلك.. ليست بالتصريحات!

الحملات الميدانية لرئيس حماية المستهلك إبراهيم السجينى على الأسواق بصحبة المحافظين كلٍ في محافظته قد تكون مفيدة لبعض الوقت، وقد تعطي رسالة للتجار الجشعين بأن قبضة الدولة قوية ترقب وترى كل شيء في أكثر الملفات حرجًا وحساسية؛ وهو ملف الأسعار التي يئن المواطنون من ارتفاعها بلا مبرر.

 

لكنى أخشى أن تتحول تلك الجولات العارضة دون وجود آليات ردع ثابتة أو إجراءات مؤسسية يتولاها رجال أكفاء حريصون على مصلحة المواطن إلى شو إعلامي لا يسمن ولا يغني من جوع.. وربما تحدث أثرًا عكسيًا عند الجشعين من التجار وخصوصًا كبار التجار الذين يتحكمون في الأسعار دون حسيب ولا رقيب.

وهو ما يظهر رئيس حماية المستهلك في صورة من يتحدث أكثر مما يفعل.. فلا نزلت عقوباته الرادعة بالمخالفين لتقطع دابر الجشع لاسيما فيما يخص الإعلان عن الأسعار الذي تحدث عنه السجيني في بني سويف بمناسبة إطلاق المحافظة مبادرة "السعر مش سر".. ولا أوقفت جولاته الميدانية المحدودة غلاء الأسعار.


والسؤال: هل يكفي إعلان الأسعار وحده لوقف الغلاء الفاحش دون وجود رقابة حاسمة ودائمة للأسواق والمخابز.. وإذا كانت وزارة التموين بجلالة قدرها ومفتشيها المنتشرين هنا وهناك لم تفلح في ضبط الأسعار نظرًا لما تعانيه من نقص في كوادرها البشرية فهل ينجح حماية المستهلك على قلة العاملين به مقارنة بوزارة التموين فيما أخفقت فيه الأخيرة؟!


يجب أن تتدخل الحكومة لتحقيق الوفرة السلعية في الأسواق بطرح كميات كبيرة من السلع في المنافذ الحكومية بأسعار أقل من الأسواق حتى لو إضطرت لإحياء نظام التعاونيات الذي كان معمولًا به قبل عقود، بالتزامن مع تقليل الحلقات الوسيطة لإحتواء الأسعار في ظل رفع أسعار الوقود وخصوصًا السولار.. 

فلن نرى هدوءًا في الأسواق وسيظل أي كلام من رئيس حماية المستهلك أو وزارة التموين مجرد طق حنك لا أساس له في الواقع، وسوف نظل ندور في حلقة مفرغة من الزيادات المتتالية وغير المبررة لأسعار السلع، وسيظل المواطن هو الحلقة الأضعف في معادلة السوق، ليغدو فريسة سهلة لكل من هبّ ودبّ.. تارة بدعوى ارتفاع أسعار الوقود، وتارة أخرى بدعوى ارتفاع سعر الدولار. 


الغريب أنه حتى مع تراجع أسعار السلع الأساسية في العالم لا تشهد أسواقنا أي انخفاض، فما يرتفع سعره في مصر لا ينخفض أبدًا، وإذا حدث فلا يكاد يشعر به المواطن وهذا ما يحدث في مصر دون غيرها بكل أسف.
 


يا سادة ترك المواطن يواجه الجشع والاحتكار والمغالاة في الأسعار بدعوى أن هذا هو منطق الاقتصاد الحر الذي يخضع للعرض والطلب، فهذا منطق خاطئ؛ فأعتى الدول رأسمالية تتدخل عند اللزوم لتحقيق الاستقرار في الأسعار بإجراءات حمائية ووقائية قانونية رادعة.. 

أما نحن فلدينا نظام اقتصادي خليط وربما منقوص أو مشوش، لم نجن منه إلا انفلات الأسعار وتغول كبار التجار على الأسواق مع غياب الرقابة الرادعة!

الجريدة الرسمية