زفة نتنياهو بالكونجرس
يسخر الأمريكان من نماذج سياسية في عدد من دول العالم، وتتندر وسائل إعلامهم على قادة سياسيين في دول كثيرة، وتصطنع الميديا الغربية والأمريكية مشاهد عبثية لرجال سياسة يخطبون في شعوبهم، وليس على الشعوب إلا التصفيق، وعلى ذلك تتوالى الحوادث والأحداث، الحقيقى منها والمصطنع.
كنا صغارا نتناقل أخبار الحرية الأمريكية، ونحتفظ بصور تمثالها الشامخ في جزيرة منهاتن، دليلا على حرية الإنسان وديمقراطية مبهرة، حتى جاءوا إلينا لينشروا دعوتهم في العراق وفي ليبيا وفي غيرهما من الدول التى قصفوها بأعتى الأسلحة التدميرية للخلاص من الديكتاتوريات العتيقة في بلادنا.
تركوا البلاد في فوضى لا نزال نعانيها، وظلوا على عهدهم في تصدير النموذج القبيح، حتى وصلنا إلى يوم الخميس قبل الماضى، عندما وصل واحد من أكبر جزارى الإنسانية، وممثل الوجه الأقبح في التاريخ البشري، الرجل الذى يفخر بقتل الأطفال والنساء والعجائز، وصل نتنياهو إلى الكونجرس الأمريكي.
تابعت مثل غيرى خطابه السينمائى الممجوج، ورأيت بأم عينى الصورة الحقيقية لمن يحكمون العالم، ويتحكمون في أوصاله، رأيت ممثلين عن الشعب الأمريكى أقل درجة من ممثلى الحزب الوطنى الشريف، الذى لم يصفق لقاتل أبدا، رغم حصوله على شهادات تقدير في مدد التصفيق للحاكم.
أعدت الكلمة أكثر من عشر مرات ولاحظت أن مدة الخطاب الدموي وصلت إلى ثلاث وخمسين دقيقة ، صفق فيها أعضاء الكونجرس خمسين مرة بواقع مرة في كل دقيقة، إذا جمعت الخطاب سترى مجموعة عبارات تتخلل تصفيقا حادا تشعر معه أن هناك مسلحين يقفون على رؤوس الأعضاء!
نتنياهو يتباهى بالقتل فيصفق الكونجرس، نتنياهو يفخر بالحرق والتدمير فيصفق الأعضاء، نتنياهو يتمايل دون كلام فيصفق الأعضاء، وأقسم أن مراجعة فيديو الكلمة سيؤكد لك أن بعضهم كان يصفق وهو خائف ومرتعب من شيء ما -لم أتبينه- غير أنه واضح وضوح الشمس.
هذا هو نموذج لآخر مشاهد الإمبراطورية الأمريكية التى عاثت في الأرض فسادا لعقود مضت، نعم هذا سيكون واحدا من مشاهد نهاية الجبروت، فالأمم التى تعتمد في حضارتها على دعم القتل، لابد وأن تسقط، ولابد وأن تتنامى غيرها في الفراغ الإنسانى الذى تحرقه يوما بعد يوم بالتصفيق لقاتل شرير، على أن حدة التصفيق التى حدثت تشى بأن اللوبى الصهيونى يصرف بدل تصفيق للحضور!