رئيس التحرير
عصام كامل

الطويلة برس

أن تظل لساعات قد تصل إلى ست عشرة ساعة يومية وأنت تتابع تفاصيل مجازر العدو الصهيوني ضد أطفال ونساء وعزل غزة أمر يلقي بتبعاته على النفس البشرية، حيث تفقد القدرة على التفاعل الإيجابي مع أية تفاصيل أخرى في الحياة.. أن ترى الموت يحاصر المدنيين في كل مكان فهذا أمر مفزع.


أن تظل تتابع لقرابة الثلاثمائة يوم كيف يدعم الغرب بالسلاح والعتاد والإسناد السياسي لعمليات قتل ممنهجة ضد الأبرياء.. أنت تتابع من كثب صورا لآباء يحملون بقايا أطفالهم من لحم مقطع وعظم مجزأ وآخرون بلا أقدام وبلا أيادٍ وهم لايزالون في عمر الزهور، مسألة تدفعك دفعا ربما للخلاص من الحياة.


أن تشعر بالعجز الكامل وأن ترى دولا عربية تباهي بحفلاتها وتتنافس فيما بينها على نجوم يرقصون وآخرون يغنون على مسارح الوهم العربي، وأنت لا تملك من نفسك قرارا.. أن تظل هكذا حبيس العجز والإهانة والصمت والسكوت فإن هذا لا يمكن أن يمر دون أحزان قد تأخذك إلى ساحات الموت البطيء.


صديقنا الروائي المبدع وحيد الطويلة قرر منذ بداية العدوان ألا يصمت.. لم يكتب واحدة من رواياته المدهشة وإنما قرر أن يتحول من وحيد الطويلة إلى الطويلة برس.. حول هاتفه إلى وكالة نقل أخبار للعدوان وابتنى لنفسه قواعد مهنية تركز على كل تفاصيل الانتصار.. نعم الطويلة برس لا تنقل أخبار الخضوع والخنوع.
 

يتابعك وحيد الطويلة من وكالته للأنباء التي تتسم بالصمود بأخبار على مدار الساعة، يتنقل هو بين الوكالات الكبرى وبين مجموعات الواتس التي أنشأها شباب فلسطينيون لينقل منها أخبارا ويحولها إلى مجموعات تتابعه على الواتس آب وأنا واحد منهم.
 

والطويلة برس لا تحصل على إجازة أو راحة وسط اليوم أو في نهايته، يتابعك رئيس تحريرها وحيد الطويلة بسيل من الأخبار المنتقاة لينقل لك تفاصيل التفاصيل من أخبار البطولات التي يقوم بها شباب القسام ورجال الجهاد وكافة الفصائل المدافعة عن الكرامة العربية هناك، بأدوات تمتلك قدرتها من الإرادة الإنسانية.


وفي أحايين كثيرة تنقل لك الطويلة برس مقالات لكتاب غربيين وتحليلات سياسية عميقة، ومقالات لكتاب عرب تدور كلها في فلك الانتصار، ووحيد الطويلة بروح الأديب والروائي الذي ينفذ إلى أعماق النفس البشرية يرى في كل حادث مساحة انتصار.

 


وحيد الطويلة لم يخضع ولم يرضخ وحول الانفجار الذي نعانيه في نفوسنا إلى طاقة جبارة من خلال جروبات متفاعلة على تطبيق الواتس آب، ونقل وقائع الأحداث في غزة الأبية وأحيانا يطل علينا بصوته المميز وهو يقرأ آخر الأخبار.. تحية للطويلة الإنسان الذي رفض الاستسلام وقرر المشاركة في حدود الحصار الذي نعيشه.

الجريدة الرسمية