رئيس التحرير
عصام كامل

وسط أتون أو حتى أسود!

منذ الأزل وحتى الآن، تتكرر قصص المؤمنين الذين وجدوا في وسط تجاربهم أصعب ما يمكن أن يمروا به، سلامًا لا يمكن تفسيره سوى بأنه سلام الله. في رسالة فيلبي، يكتب بولس الرسول: "وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْلٍ، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (فيليبي 4: 7). هذا السلام يفوق الفهم البشري، وهو يظل قويًا في وجه أي محنة أو صعوبة.

 

لنأخذ قصة بولس وسيلا في السجن كمثال. في سفر أعمال الرسل (أعمال الرسل 16: 22-34)، تم ضرب بولس وسيلا وأُلقيا في السجن بسبب تبشيرهما بالإنجيل. رغم الجراح والقيود، كانا يصليان ويسبحان الله في منتصف الليل. 

فجأة، حدث زلزال عظيم، فُتحت أبواب السجن وانفكت قيودهما. هذا الحدث لم يكن مجرد ظاهرة طبيعية، بل هو تعبير عن تدخل الله المباشر لتحقيق العدالة وتحرير أحبائه. السلام الداخلي الذي شعر به بولس وسيلا وسط هذه التجربة كان نتيجة لإيمانهما العميق وثقتهما في قدرة الله.

 

الله يسدد احتياجاتك في عز التجارب

الله هو الراعي الأمين الذي يعتني بأبنائه في كل زمان ومكان، ولا يتركهم في حاجة حتى في أحلك الظروف. في متى 6: 26، يشير السيد المسيح إلى رعاية الله للطبيعة قائلًا: "اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟". إذا كان الله يعتني بالطبيعة بهذا الشكل، فكم بالأحرى يعتني بأبنائه؟

 

نرى هذا بشكل واضح في قصة إيليا النبي. عندما حلّت المجاعة على الأرض، أمر الله إيليا بأن يذهب إلى وادي كريث حيث سيرسل له الغربان لتطعمه كل يوم (1 ملوك 17: 4-6). في وسط العزلة والجوع، لم يترك الله إيليا جائعًا، بل سدد احتياجاته اليومية بطرق غير متوقعة. 

بعد ذلك، عندما جفت المياه، أمره الله بالذهاب إلى أرملة في صرفة صيدا، وهناك حدثت معجزة الزيت والدقيق، فلم تنفد موادهما طوال فترة المجاعة (1 ملوك 17: 8-16).

لا تسير دروبك وحدك، الله معك

من أروع وعود الله لأبنائه هو وعده بالبقاء معهم دائمًا، في السراء والضراء. في سفر يشوع، يعِد الله قائلًا: "كَمَا كُنْتُ مَعَ مُوسَى أَكُونُ مَعَكَ. لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ" (يشوع 1: 5). هذا الوعد يطمئننا بأن الله يسير معنا في كل خطوة من رحلتنا.

 

نستذكر قصة دانيال في جب الأسود. عندما تعرض دانيال لمؤامرة حسده فيها رجال المملكة وتم إلقاؤه في جب الأسود بسبب عبادته لله، لم يكن دانيال وحده. الله أرسل ملاكه ليغلق أفواه الأسود، فظل دانيال بأمان طوال الليل (دانيال 6: 16-23). في صباح اليوم التالي، عندما جاء الملك ليتحقق من حال دانيال، وجده سالمًا بفضل حماية الله. هذه القصة تعلمنا أن الله معنا حتى في أصعب اللحظات وأخطرها.

 

 

الله يعدنا بالسلام في وسط التجارب، يسدد احتياجاتنا في عزها، ويرافقنا في دروبنا. من خلال قصص الكتاب المقدس وشواهدها، نرى كيف أن الله كان دائمًا قريبًا من أحبائه، يعينهم ويرشدهم. لنسلك بجرأة وثقة في الله، ونعتمد على وعوده الثابتة بأنه لن يتركنا ولن يتخلى عنا أبدًا. في كل خطوة نخطوها، لنذكر أن الله يسير معنا، يمنحنا السلام في قلوبنا، ويزودنا بكل ما نحتاجه لنستمر في طريق الحياة.
للمتابعة على صفحة الفيس بوك: @DR.PAULAW

الجريدة الرسمية