تأملات في المزمور الثالث
في زمن مليء بالتحديات والمخاطر، نجد أنفسنا في مواجهة الكثير من الصعاب والمضايقات. المزمور الثالث، الذي كتبه داود حينما هرب من وجه أبشالوم ابنه، يقدم لنا دروسًا عميقة في كيفية مواجهة تلك المضايقات بثقة وإيمان. من خلال تأملنا في هذا المزمور، نجد أربعة نقاط هامة تُظهر كيف يمكننا الاعتماد على الله في كل الظروف.
إن الله معنا
بدأ داود المزمور بصرخة حزينة ومليئة بالألم: "يارب، ما أكثر مضايقي كثيرون قائمون علي" (مزمور 3: 1). كانت حياته في خطر، حيث تكاثر أعداؤه بشكل هائل، وكل منهم يسعى للنيل منه. هذه الصورة تعكس واقعنا الحالي، حيث نجد أنفسنا محاطين بالكثير من التحديات والأعداء، سواء كانوا في العمل أو في حياتنا الشخصية.
لكن، وسط كل هذه الضغوط، نجد داود يذكر نفسه بحقيقة واحدة لا تتغير: الله معه. هذه الحقيقة تمنحه القوة والشجاعة لمواجهة أعدائه. يقول داود: "أما أنت يارب فترس لي. مجدي ورافع رأسي" (مزمور 3: 3). تذكر داود أن الله هو الحامي والمساند، الذي يرفع رأسه ويمنحه الكرامة. علينا نحن أيضًا أن نتذكر أن الله معنا، وأنه يحمينا في كل لحظة.
كان أعداء داود يسخرون منه ويقولون: "كثيرون يقولون لنفسي: ليس له خلاص بإلهه" (مزمور 3: 2). هذه الكلمات كانت تهدف إلى إحباطه وجعله يشك في إيمانه. في كثير من الأحيان، قد نجد أنفسنا نواجه مثل هذه الشكوك، سواء من الآخرين أو من داخلنا. نسمع أصواتًا تقول لنا إن الله قد تركنا، وأننا وحدنا في مواجهة مشاكلنا.
ولكن، يذكرنا داود بأن الله لا يتركنا أبدًا. بصوت قوي ومليء بالإيمان، يقول داود: "بصوتي إلى الرب أصرخ، فيجيبني من جبل قدسه" (مزمور 3: 4). هذا التذكير القوي يعطينا الأمل والثقة بأن الله يستمع إلى صرخاتنا، وأنه يجيبنا في الوقت المناسب. علينا أن نتمسك بإيماننا وأن نثق بأن الله معنا، حتى وإن شكك الآخرون في ذلك.
الله قادر أن يعطينا السلام والطمأنينة
في وسط الفوضى والاضطراب، نجد داود يقول: "أنا اضطجعت ونمت. استيقظت لأن الرب يعضدني" (مزمور 3: 5). كيف يمكن لشخص يواجه هذا الكم من الأعداء أن ينام بسلام؟ السر يكمن في إيمانه العميق بأن الله هو الذي يعضده. الله يمنحنا السلام والطمأنينة في أصعب اللحظات، عندما نضع ثقتنا فيه.
إن السلام الذي يمنحه الله ليس مجرد هدوء خارجي، بل هو سلام داخلي ينبع من الثقة الكاملة بقدرته وعنايته. هذا السلام يمكننا من النوم بطمأنينة، حتى عندما تكون الظروف من حولنا مضطربة. الله قادر على أن يمنحنا هذا السلام إذا ما استندنا إليه بكل قلوبنا.
اطلب خلاص من الرب فقط
في ختام المزمور، يصرخ داود لله طالبًا الخلاص: "قم يارب خلصني يا إلهي لأنك ضربت كل أعدائي على الفك. هشمت أسنان الأشرار" (مزمور 3: 7). إن داود يعلمنا هنا درسًا مهمًا: عندما نجد أنفسنا في محنة، يجب أن نطلب خلاص الرب بثقة كاملة. الله هو القادر على إنقاذنا ودعمنا في كل الأوقات.
ي
قول داود: "للرب الخلاص على شعبك بركتك" (مزمور 3: 8). هذا التأكيد يعطينا اليقين بأن الله لن يخذلنا أبدًا، وأنه دائمًا سيكون بجانبنا ليخلصنا من كل محنة. عندما نطلب خلاص الرب بإيمان، سنجد أن الله يستجيب لنا ويخلصنا بطرق قد لا نتوقعها.
إن المزمور الثالث هو تذكير قوي بأن الله معنا في كل لحظة، مهما كانت الظروف صعبة ومهما كانت التحديات كبيرة. علينا أن نثق بأن الله لن يخذلنا، وأن نطلب خلاصه بكل إيمان وثقة. في النهاية، نذكر أن "للرب الخلاص على شعبك بركتك" (مزمور 3: 8). عندما نعيش بهذا الإيمان، سنجد أن الله يمنحنا القوة والشجاعة لمواجهة كل مضايقاتنا.
للمتابعة على قناة التليجرام: @PAULAWAGIH