نحن نقلد المتطرفين دينيا!
غريب أمرنا.. نرفض ما يفعله المتطرفون دينيا من خلط الدين بالسياسة ونشجب ذلك، لكننا نمارس هذا الخلط وبشكل غريب وعجيب! وقد بدا ذلك في تناول بعض رجال الدين مشاكلنا الاقتصادية، ومن بينها مشكلة قطع الكهرباء.. وهذا ما فعله ومازال يفعله المتطرفون دينيا طوال الوقت ويستنكره رجال الدين هؤلاء الذين يقلدونهم!
إن أحوالنا المعيشية هى من صنع أيدينا نحن.. فنحن المسئولون عن تفاقم هذه المشكلات.. وإذا كنّا نتحفظ على من يرجعونها كلها للخارج، وما شهده عالمنا ابتداء من جائحة كورونا ثم حرب أوكرانيا وبعدها حرب غزة، فإننا نرفض تناولها وكأنها من صنع القدر!
إن هذه المشكلات حدثت لأننا اخترنا سياسات اقتصادية معينة دون أخرى، ولأننا اتخذنا قرارات اقتصادية معينة دون أخرى أيضا.. إن هذه المشاكل هى نتاج اختياراتنا، وحتى نتجاوزها لا نحتاج للدعاء أو للصلوات في المساجد والكنائس، وإنما لمراجعة اختياراتنا الاقتصادية وتصحيحها واختيار سياسات أخرى بديلة بعد دراستها بعناية أكبر، لنضمن أن تكون سياسات فاعلة تتضمن علاجا ناجحا لمشاكلنا الاقتصادية..
ولعل ذلك هو ما دفعنا لتشكيل حكومة جديدة ضمت من الوزراء الجدد أكثر من الوزراء القدامى، وتتقدم هذه الحكومة ببرنامج جديد للبرلمان، رغم أن رئيسها الدكتور مصطفى مدبولى سبق له تقديم برنامج حكومى سابق للبرلمان قبل نحو أقل من ثمانية أشهر فقط.
أما خلط السياسة بالدين فإنه كما نقول دائما يفسد السياسة والدين معا.. والأهم والأخطر أنه يبعدنا عن الطريق السليم لإصلاح أحوالنا، خاصة الاقتصادية، وإصلاح الخطاب الدينى ويخلق مناخا تنمو فيه وتترعرع القوى الدينية المتطرفة التى خلقت لنا تنظيمات إرهابية تقتل وتخرب وتدمر.