رئيس التحرير
عصام كامل

السعودية هوليوود الشرق!

لا شك أن مصر والسعودية هما ذراعا الأمة العربية وعنوان قوتها وحصنها المنيع، والعلاقة بين الدولتين والشعبين نموذج مثالي على علاقات التعاون بين الدول الأشقاء في مختلف المجالات عبر سنوات طويلة وعقود وعهود عديدة.. 

 

وعلى مستوى الفن شهدت ومازالت هذه العلاقات نموًا مطردا في السنوات الأربع الأخيرة منذ بداية ما يسمى بموسم الرياض للترفيه.. حيث شارك أغلب نجوم مصر في التمثيل والغناء والموسيقى في دورات المواسم السابقة كلها بقوة وفاعلية، سواء بالحفلات الغنائية أو العروض المسرحية، أو من خلال الأفلام التي دعمتها وراعتها هيئة الترفيه السعودية وأخرها فيلم ولاد رزق 3.. 

 

الذي صار الأكبر تكلفة لفيلم عربي بـ 12 مليون دولار، والأعلى إيرادا في التاريخ في مصر، إضافة إلى عدد من المشاريع السينمائية التي سيدعمها صندوق Big Time الاستثماري، الذي تم إنشاؤه مؤخرا بغرض رفع جودة المحتوى العربي في إنتاج الأفلام السعودية والمصرية والعربية بمشاركة كبار النجوم.. 

وهو من تمويل هيئة الترفيه ووزارة الثقافة السعودية برعاية هيئة سوق المال السعودية ومدته 5 سنوات بميزانية مبدئية 80 مليون دولار في عامه الأول!


أفلام Big Time

ومن الأفلام المصرية التي سيدعمها الصندوق أيضًا فيلم الست عن حياة كوكب الشرق أم كلثوم وبطولة منى زكي والذي انطلق تصويره منذ أيام قليلة، الجزء الثالث من فيلم الفيل الأزرق لكريم عبد العزيز، الجزء الرابع من ولاد رزق، والجزء الثاني من صعيدي في الجامعة الأمريكية لمحمد هنيدي، الاسترليني لمحمد هنيدي أيضًا.. 

شغل كايرو بطولة كريم عبد العزيز ونانسي عجرم، إكس مراتي لهشام ماجد وأمينة خليل الجاري تصويره حاليًا، فرقة الموت لأحمد عز، المنجم لعمرو يوسف، نسخة معاصرة من فيلم البحث عن فضيحة لكريم محمود عبد العزيز، النونو لأحمد حلمي، هذا بجانب إعلان هيئة الترفيه دعمها لمهرجان العلمين في دورته الثانية التي ستنطلق بعد 5 أيام بمشاركة عدد من نجوم التمثيل والغناء في مصر والوطن العربي.


بالتأكيد هذا التعاون الكبير بين نجوم مصر وهيئة الترفيه السعودية أمر محمود ومطلوب ويثري الساحة الفنية العربية ولا أحد عاقل يرفض ذلك خاصةً عندما تتوافر الإمكانات الضخمة لهذا التعاون، ولكن شريطة أن تكون الأعمال خاصةً السينمائية منها على المستوى المطلوب والمأمول ولا تكون من نوعية ولاد رزق 3 الذي يروج لحفنة من الشباب المصري من اللصوص والخارجين عن القانون وأحداثه تدور في الكباريهات وعلب الليل وتستخدم فيه ألفاظ خارجة كثيرة! 

 

ولا من عينة الفيلم الذي سيلعب بطولته النجم أحمد حلمي وفكرته عن شاب مصري نصاب كبير يسافر إلى السعودية للقيام بعمليات نصب في موسم الرياض وعلى الحجاج والمعتمرين في قالب كوميدي! وهنا أتساءل لماذا الإصرار على تصوير الشباب المصري كمجرمين ونصابين ومحترفين في الأفلام التي تدعمها هيئة الترفيه؟!

هوليوود الشرق

هوليوود الشرق هو اللقب الذي تزينت به القاهرة منذ حقبة الأربعينيات وعلى مدار عقود طويلة، لكونها عاصمة الفن العربي بصفة عامة والسينما بصفة خاصة، مثلما هو الحال مع مدينة هوليوود الأمريكية عاصمة السينما العالمية.. 

 

حيث شهدت نهضة فنية وسينمائية كبرى منذ ذلك الحين، بفضل مبدعيها الكبار في مجال الغناء والموسيقى مثل أم كلثوم وعبد الوهاب وليلى مراد ومحمد فوزي ورياض السنباطي وفي مجال السينما من كتاب أمثال طه حسين وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي ونجيب محفوظ والتمثيل مثل يوسف وهبي ونجيب الريحاني ومحمود المليجي وأنور وجدي ومديحة يسري وفاتن حمامة وشادية والإخراج كصلاح أبو سيف وكمال الشيخ ونيازي مصطفى فيوسف شاهين وعاطف سالم وحسين كمال وغيرهم..

 

وهذه النهضة الفنية الشاملة جعلت مصر قبلة لكل الفنانين من أرجاء الوطن العربي الكبير بحثًا عن الشهرة والنجومية وهي بدورها لم تتأخر يومًا عن مد ذراعيها للجميع، فجاء نجيب الريحاني وفريد الأطرش وأسمهان وصباح وفايزة أحمد ونجاح سلام وعبد السلام النابلسي ووردة وأسيا داغر وماري كويني والكثير والكثير على مر العصور.

 
ولم تتخل مصر عن لقبها وريادتها الفنية أبدًا حتى في أحلك وأصعب الأوقات التي مرت عليها 
ففنها هو الأهم ونجومها هم الأكبر والأكثر شهرة في العالم العربي وإنتاجها السينمائي كان يتجاوز ال 120 فيلم وكانت السينما صاحبة الدخل القومي الثاني بعد القطن! 

 

ولكن هذا لا ينفي حدوث تراجع كبير في الفن المصري عمومًا والسينما بوجه خاص منذ عصر الانفتاح حتى الوقت الراهن، وذلك في الوقت الذي شهدت فيه معظم الدول العربية طفرة قوية في المختلف الفنون خاصةً السينما والتليفزيون مثل سوريا والمغرب وتونس ولبنان ودول الخليج كالكويت والسعودية والأخيرة قررت أن تصبح عاصمة الفن العربي وقبلته الجديدة بتخصيص ميزانية خرافية للفن والترفيه بكافة أنواعه.. 

 

وبعمل خطط قصيرة الأجل لإنتاج مجموعة كبيرة من الأفلام والمسلسلات السعودية والمصرية والعربية والهندية والعالمية مستعينة بكبار النجوم في الوطن العربي وفي المقدمة منهم بالطبع نجوم الفن المصري وقوته الناعمة على مدار عصور عديدة..

 

 فهل تنجح السعودية وعاصمتها الرياض في أن تصبح هوليوود الشرق الجديدة في السنوات المقبلة وإن كنت أشك في أن الإمكانات المادية وحدها تستطيع فعل كل شيء دون وجود تاريخ وكوادر وكفاءات بشرية مؤهلة في كافة عناصر العملية الفنية.. 

 

 

فهل تحتل السعودية مكانة مصر، التي تراجع دورها الفني في السنوات الأخيرة بشكل مخيف، بفعل عوامل عديدة ومتشعبة ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية وفكرية، أم تعود مصر لتسترد عافيتها الفنية وثقلها الفني والثقافي والحضاري كما كانت دائمًا من جديد ؟ 
في الحقيقة لا أشعر بتفاؤل كبير في هذا المجال على الأقل في المستقبل القريب وكم أتمنى أن يخونني حدسي هذه المرة!

الجريدة الرسمية