30 يوما تحت الوضع!
استغرقت عملية الولادة شهرا كاملا، ظن الناس أنها ولادة متعثرة، فتململوا وتساءلوا وتعجلوا خروج المولود، بينما فرح العملاء والخونة، وظنوا أن البلاد تتداعى ومهيأة للفرصة الثانية من الخراب والتخريب، مستغلين موجات سخط شعبية متصاعدة جراء قطع الكهرباء بغباء، مستغلين تفحص وتغول التجار في مص دماء الشعب، ولا حكومة تردع ولا هيئة تمنع!
في الثالث من يونيو الماضي، أعاد الرئيس عبد الفتاح السيسي تكليف رئيس الحكومة دكتور مصطفى مدبولي، بتشكيل حكومة جديدة برئاسته، وفي الثالث من يوليو أدت الحكومة الجديدة اليمين الدستورية، وشهد التشكيل خروج وزيرين من وزارتين سياديتين، الدفاع والخارجية، كما شهد دمج وزارات، وإدخال منصب نائب رئيس الوزراء لكل من الوزير كامل الوزير الذي أسندت إليه وزارة الصناعة إلى جانب وزارة النقل، وهو في الحقيقة لهما بجدارة.. أما النائب الثاني لرئيس الوزراء فهو الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة والسكان..
كما أجريت أيضا تغييرات شاملة تقريبا في المحافظين، وفرح شعب الدقهلية والجيزة، والاسكندرية وأسيوط برحيل الفشلة، الذين استبقتهم الدولة سنوات يواصلون الفشل واحدا بعد الآخر، وليس شططا أن فرح أهل المنصورة فرحا عظيما لرحيل محافظ بلا لون ولا طعم ولا أداء، جعل شوارعها في حالة يرثي لها، وميادينها فوضى، هبط عليها من المجهول، وذهب إلى حضن المجهول الذي أسقطه على الناس، يليق به!
بمجرد إعلان الحكومة الجديدة انهالت التعليقات، وكالعادة نحكم على الفيلم قبل العرض الكامل له، ومن العقل أن نتريث، وأن نرى ماذا ستفعل هذه الحكومة المكلفة من الرئيس بسياسات جديدة، أهمها الغذاء والصحة والتعليم ومواصلة الإصلاح المالي، والحفاظ على محددات الأمن القومى المصرى.
ومنذ بدء التكليف كانت التوجيهات أنه لا مشروعات قومية ضخمة جديدة، بل إتمام ما بدأ، والتركيز علي احتياجات الناس من الغذاء والدواء.
في الفترة الماضية، مارس التجار الاحتكاريون أبشع ألوان الاستغلال، وأظهروا رئيس الوزراء السابق الحالى ضعيفا، لم يكترثوا لرجاءاته ولا تهديداته، بل مضوا في اثارة مشاعر السخط في البيوت كافة، متضامنين بوعي أو بغير وعي، مع الإخوان والإرهاب، لأن محصلة السخط المتراكم انفجار عارم ينال من أعمدة الدولة لا قدر الله.
مهما فعلت الحكومة الحالية، فإن الأولوية التي تهم الناس هي ضرب التجار الاحتكاريين بيد من حديد. الناس روحها في الحلقوم، بلا أدنى مبالغة، والأجهزة الأمنية تعلم هذا وتستشعر، وتنبه أكيد، وأذكر أن الأجهزة الأمنية كافة حذرت الرئيس مبارك رحمه الله، قبيل الخامس والعشرين من يناير المشئوم من التجنيد السري للنشطاء والسخط في الشارع ومن برامج التوك شو لتثوير الرأي العام..
التجار يقومون بهذا الدور حاليا، إذ لا ضابط ولا رابط، والأسعار حسب مزاج كل بياع.. الغلاء هو الغول الذي سيقود الرضا الشعبي، إن وجد، وسيعجل بالنار إن لم تتحرك الحكومة بحزم وصرامة.
حكومة قوية ترعى مصالح الشعب، لا حكومة باهتة يستقوي عليها مساعير التجار.هذا ما يريده الناس. إذا كبحتم غول الغلاء نعمتم بالهدوء وتابع الناس أعمالكم بالتصفيق والإعجاب، والعكس صحيح بالطبع. ربك يستر.