رئيس التحرير
عصام كامل

السير على الخطى.. بأستيكة

عندما كنت في الثانوية العامة وقبيل الامتحانات تم تغيير وزير التعليم ليحل محله آخر الذي أصدر حزمة من القرارات التي اعتبرها رغم مرور كل هذه السنوات هي الأسوأ.. على الأقل بالنسبة لي ولجيلي.. فقد سار على خطى سابقه تمامًا ولكن بأستيكة.. وهو تعبير دقيق صاحب براءة اختراعه هو المؤرخ الراحل الدكتور يونان لبيب رزق واصفًا سير أبو جمال على خطى أبو خالد.

 

ولفت نظري ما جاء في بيان أحد الوزراء الجدد الذي لم يجف قرار تعيينه بعد حيث قال وفقًا لما نشر في بعض الصحف والمواقع {أتعهد بوضع رؤية جديدة لمواجهة واجتياز كافة التحديات المزمنة التي تواجه ملف التعليم} ولابد أن نتوقف كثيرا عند رؤية جديدة.

 

وبملاحظة بسيطة ودقيقة أجد هذا النوع من السير وقد أصبح في حياتنا منهاجًا يتبعه كل مسؤول جديد.. يأتي وفي جعبته مجموعة من الأفكار الجديدة من وجهة نظره ويقسم على أن يطبقها، ربما من باب إثبات الكفاءة أو عبقرية الرؤية.

 
وليس السير بأستيكة على الأفكاروالقرارات وأليات العمل فقط ولكن على الأشخاص أيضا، فإذا بالسماء تمطر إقالات وتنقلات وإنهاء انتدبات ممن اختارهم  المسؤول السابق له، ليحل محلهم رجال يأتي بهم هو ربما لأنه يضمن ولائهم أو ربما تطبيقًا لنظرية أهل الثقة وأهل الخبرة.

 

ولقد كان التعليم على الرغم من أهميته والذي أراه الملف الأخطر والأهم، وهو الملعب الأكبر لأفكار لوذعية من كل من اعتلى مسؤوليته.. نلغي الصف السادس الابتدائي فنخلق دفعة مزدوجة نكدس بها المدارس والجامعات.

 
نلغي التشعيب في القسم العلمي في الثانوية العامة فلا علمي علوم ولا علمي رياضة فنضيف كارثة جديدة يتحملها التعليم الجامعي والتي بعد وقوعها نعود إلى المربع صفر ونعيد التشعيب.


سنغير مناهج المرحلة الابتدائية ونطورها ونتخلص من عقمها إلى الأبد بهدف خلق جيل عبقري فتكون النتيجة صفرية، لا تطوير ولا عبقرية جيل وليس أدل على ذلك بل وأضل أيضًا من تلك السنة الكبيسة المسماه برابعة ابتدائي، وكم معاناة التلاميذ وآبائهم من قرارات لا تحمل من التطوير إلا عبثه ومن التعليم إلا نظرياته التي أثبت الواقع العملي صعوبة التطبيق.

 
وملف التعليم هو وسيلة قياس ونموذج ينطبق على معظم الملفات، ليس هكذا تدار الأمور.. فنظرية السير على الخطى بأستيكة هي العبث بعينه ومن يتبعها يكون مثل العنصر المعطل للتفاعل في معادلات الكيمياء، فهو بذلك يعطل كل تقدم في أي ملف.. يقف حائلًا دون أن نحقق أي حلم.

 
في أوروبا والدول المتقدمه كما يأكلون مع الكباب طحينه فإنهم ايضًا يضعون استراتيجيات وقواعد يكون أي مسؤول خطوة على طريق تطبيقها، ولا تترك الأمور لنظرية تَعَلمَها المسؤول أو تجربة يريد تطبيقها أولحالتة المزاجية.

 
فنكون نحن المواطنين معمل التجارب الذي تُجري فيه الأختبارات وأول المتأثرين بأي انفجارات تحدث داخل المعمل من خطأ في التحضير.. قِس على ذلك كل الملفات في كل الوزارات.. 

 

ببساطة شديدة إذا أردنا النجاح في كل الملفات علينا أن يكون السابق واللاحق حلقة في سلسلة لا يفصلها أي تعديل أو تغيير.. أن تكون معاناة أبناء هذا البلد الطيب هي الملهم لأفكار تخففها ويا حبذا لوأنهتها.. هي المحفز لكل قرار يصب في مصلحته بالأساس.. هي المحرك لكل إجراء فاعل على الأرض.

 
أن يؤدي نواب الشعب دورهم الرقابي كما يجب فربما تكون هذه هي فرصتهم الأخيرة كي لا يفقدوا ما بقي من ثقة ناخبيهم التي أحسبها أوشكت على النفاذ.

 


 

علينا أن نتذكر دائما القسم على إحترام الدستور الذي يؤكد في مواده على أن المواطن هو السيد الذي ترعون مصالحه.. والهدف من كل فكرة أو قرار أو إجراء وليس المستهدف بكل معاناة وألم وتحمل فوق القدرة.

الجريدة الرسمية